الناس من كلّ صنف ودرجة أعلاهم وأدناهم، ثم يتمثّل بين يديه الأمراء الوافدون من بلاد، ويستأذنه الأمراء المأمورون إلى جهات، فيخلع عليهم، ويأذن لهم بالخروج، ويعرض عليه عرائض الأمراء والولاة ونذورهم، ويعرض عليه "المير بخشي" مطالب أهل المناصب و"المير آتش". أغراض "البرقندازية"، وغيرهم، وصدر الصدور يعرض عليه حوائج السادة والعلماء والمشايخ وغيرهم من أهل الاستحقاق، وناظر العرض المكرّر الأحكام السلطانية من المناصب والأقطاع والنقود وغيرها، ثم يعرض عليه ناظر الاصطبلات الأفراس الخاصّة وشحنة الفيلة الأفيال الشاهانية على الرسم المعتاد، وناظر الداغ والتصحيحة فرسان الأمراء، مع أفراسهم التي امتازت بالداغ والتصحيحة حالا.
وكان يجلس بالديوان العام نحو خمس ساعات، ثم يذهب إلى "دولت خانه"، فيحضر لديه الوزير والديوان والبخشي وصدر الصدور، وغيرهم من كبار الأمراء، فيكلّمه الوزير في مهمّات الدولة، والديوان في الأموال الخالصة "الشريفة، والمير بخشي في العسكرية، وصدر الصدور في أهل الحوائج، والسلطان يجاوبهم بما يبدو له من المعروف، ويكتب بيده بعض التوقيعات، ويأمر في بعضها أن يكتبه الوزير، ثم يعرض عليه المناشير، التي أنشأها الوزير، فيقرأها، ويصلحها إن رأى فيها خللا، ويجلس بها نحو خمس ساعات.
ثم يدخل المنزل، ويتغدّى، ويقيل نحو ساعة، ثم يتوضّأ، ويمشي إلى المسجد، ويصلّي الظهر بجماعة، ثم يذهب إلى "خلوت خانه"، ويشتغل بتلاوة القرآن، وكتابة المصحف، ومطالعة الكتب، وتحقيق المسائل، وربما يدعو بها بعض الأمراء، ويباشر المهمّات من أمور الدولة، وربما يدعو أهل المظالم والشكاوي، فيقضي بينهم بالمعروف، وربما يدعو المخدّرات، فيعرضن عليه حوائج النساء، فيبذل عليهن العطايا الجزيلة.