ومنها: أنه كانت له مهارة تامة بالفقه، ويضرب به المثل في استحضار المسائل الجزئية، وقد صنّف العلماء بأمره "الفتاوى الهندية" في ستة مجلّدات كبار، فاشتهرت في الأقطار الحجازية والمصرية والشامية والرومية، وعمّ النفع بها، وصارت مرجعا للمفتين، وأنفق على جمعها مائتي ألف من النقود.
ومنها: أنه كان بارعا في الخطّ، يكتب النسخ والنستعليق وشكسته بغالِة الجودة والحلاوة، كتب مصحفا بيده قبل جلوسه على السرير، وبعثه إلى "مكّة المباركة"، وبعد جلوسه مصحفا آخر، وأنفق على التذهيب والتجليد سبعة آلاف روبية، ثم بعثها إلى "المدينة المنوّرة"، وكان انتسخ "الألفية" لابن مالك في صباه، فأرسل إلى "مكّة" بيد الحاج عبد الرحمن المفتي، لينتفع بها الناس من أهل البلدة المباركة.
ومنها: أنه كان ماهرا بالإيقاع، والنغم، ولكنّه كان يحترز من استماع الغناء تورّعا. قال مكرّم خان الصفوى: سألته يوما عن الغناء، فقال: لأهله مباح، فقلت له: إني لا أعلم أحدا يتأهّل له غيركم، فقال: إن الغناء بالمزامير لا سيّما بالبكهاوج حرام بالاتفاق، فإذنْ لا أرغب إلى الغناء بغيرها.
ومنها: أنه كان ماهرا بالإنشاء والترسّل، لم يكن له نظير في زمانه في ذلك، وقد جمع شيئا كثيرا منها أبو الفتح قابل خان التتوي في "آداب عالمغيري"، وعناية الله خان في "الكلمات الطيّبات"، و"الرقائم الكرائم"، وبعضهم في "دستور العمل"، وأما الشعر فإنه كان مقتدرا عليه، ولكنّه كان لا يعتني به، ويمنع الناس أن يضيّعوا أوقاتهم في الشعر، لقوله تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ}، ولله درّ الشافعي رحمه الله:
ولولا الشعر بالعلماء يزري … لكنتُ اليوم أشعرَ من لبيد