ومنها: أنه كان ماهرا بالرمي والطعن والضرب والفروسية وغيرها من الفنون الحربية والتصيّد، كان شُجاعا، مقداما، باسلا، لا يظهر له في الهيجاء فزع ولا جزع ولا طيش ولا خفة ولا وجل ولا خطل، بل من رآه ظنّ أنه جاء من بعض المتنزّهات، وهو قد خرج من معركة تطير لها العقول، وتشيب لها الولدان، وترجف منها الأفئدة، وتخرس الألسن.
وإنك تقرأ في كتب الأخبار أن والده شاهجهان كان يوما يتفرّج في البرج المشرف على نهر "جمن" على مصارعة الأفيال، التي كانت في عرصة القلعة فيما بينها وبين النهر، والأفواج كانت قائمة بين ظهرانيها، وخلق كثير يتفرّجون عليها في تلك العرصة، وكان عالمغير أيضًا في ذلك الزحام، وهو يومئذ في الرابع عشر من سنّه، وكان على فرس على جري العادة، فإذا هو بفيلة، قد ثارت، وقصدت الأفواج، ففرّ الناس كلّهم من بين يديها إلا عالمغير، فإنه ثبت على مقامه، فتوجّهت إليه الفيلة، ولفت فرسه بخرطومها، وصرع عالمغير من صهوة الفرس، ثم قام، وسلّ السيف عليها، ثم جاء الناس، ودفعوها بالضرب والطعن وإيقاد النار وغير ذلك. وهذه مفخرة عظيمة في الثبات والعزيمة، لا تجدها لغيره من أبناء الملوك في تلك السنّ.
ومن مآثره:
أنه كان سخيا، جوادا، كريما، يبذل على الفقراء وأهل الحاجة العطايا الجميلة، ويسامحهم في الغرامات.
ومن ذلك: أنه أبطل ثمانين نوعا من المكوس في سنة تسع وستين وألف، وكانت تحصل له من تلك الأبواب ثلاثون لكا (ثلاثون ملايين) قي كلّ سنة.