الجميلة، وعاقل خان الرازي، وخافي خان في "منتخب اللباب"، والطباطبائي في "سير المتأخّرين"، وغيره في "مناقب عالمغيري"، وأطال الكلام في مناقبه، ونسخة منه موجودة في "المكتبة الحامدية" بـ "رامبور"، والشيخ محمد بقاء السهارنبوري صنّف كتابا حافلا في سيرته، وسمّاه "تاريخ عالمغيري"، صرّح به المؤلّف في كتابه "مرآة جهان نما".
قال المحبي في "خلاصة الأثر": ولما أراد الله تعالى بـ "الهند" خيرا وإحسانا، وقدر ظهور العدل فيهم كرما وامتنانا، أظهر في خافقها شموس السلطنة بلا ريب، وأنار في سماء سلطنتها أنوار بدور الملك السلطان أورنك زيب، وطوى بساط إخوته، ونتف جللهم، ومزق، وحرق بنار المظلومين لباسهم، وخرق، وقتل أخاه دارا شكوه، واقتلعه هو وأصحابه، وكان دارا شكوه ذا ذوق وفطنة بهيئة وصفات مستحسنة، إلا أنه في آخر عمره صارت سيرته مذمومة، وأحدث مظالم كثيرة، وقتل أخاه الثاني مراد بخش، وفرّ محمد شجاع أخوه الثالث، ولم يعرف أين ذهب.
وأورنك زيب ممن يوصف بالملك العادل الزاهد، وبلغ من الزهد مبلغا، أناف فيه على ابن أدهم، فإنه مع سعة سلطانه يأكل في شهر رمضان رغيفا من خبز الشعير من كسب يمينه، ويصلّي بالناس التراويح، وله نعم بارة وخيرات دارة جدا، وأمر من حين ولي السلطنة برفع المكوس والمظالم عن المسلمين، ونصب الجزية بعد أن لم تكن على الكفّار، وتمّ له ذلك، مع أنه لم يتمّ لأحد من أسلافه، أخذ الجزية منهم لكثرتهم وتغلبهم على إقليم "الهند"، وأقام فيها دولة العلم، وبالغ في تعظيم أهله، وعظمت شوكته، وفتح الفتوحات العظيمة، وهو مع كثرة أعدائه وقوتهم غير مبال بهم، مشتغل بالعبادات، وليس له في عصره من الملوك نظير في حسن السيرة، والخوف من الله تعالى، والقيام بنصرة الدين. انتهى.