السلطان المشهور سلطان "الهند" في عصرنا، وأمير المؤمنين وإمامهم، وركن المسلمين ونظامهم، المجاهد في سبيل الله، العالم العلامة، الصوفي، العارف بالله، الملك القائم بنصرة الدين، الذي أباد الكفّار في أرضه، وقبرهم، وهدم كنائسهم، وأضعف شركهم، وأيّد الإسلام، وأعلى في "الهند" مناره، وجعل كلمة الله هي العليا، وقام بنصرة الدين، وأخذ الجزية من كفّار "الهند"، ولم يأخذها منهم ملك قبله لقوتهم كثرتهم، وفتح الفتوحات العظيمة، ولم يزل يغزوهم، وكلّما قصد بلدا ملكها، إلى أن نقله الله إلى دار كرامته، وهو في الجهاد، وصرف أوقاته للقيام بمصالح الدين، وخدمة ربّ العالمين، من الصيام والقيام والرياضة، التي لا يتيسّر بعضها لأحاد الناس فضلا عنه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وكان موزّعا لأوقاته، فوقت للعبادة، ووقت للتدريس، ووقت لمصالح العسكر، ووقت للشكاة، ووقت لقراءة الكتب والأخبار الواردة عليه كلّ يوم وليلة من مملكته، لا يخلط شيئا بشيء.
والحاصل أنه كان حسنة من حسنات الزمان، ليس له نظير في نظام سلطنته ولا مدان، وقد ألّفت في سلطنته وحسن سيرته الكتب الطويلة بالفارسية، وغيرها، فمن أرادها فليطلع عليها.
مولده سنة ثمان وعشرين وألف، وجاء تاريخه بالفارسية "آفتاب عالمتاب"، وربي في حجر والده، واشتغل بحفظ القرآن من صغره، حتى حفظه، وجوّده، واشتغل بالخط، حتى كتب الخطّ المنسوب، يضرب بحسنه المثل، وكتب مصحفا بخطّه، وأرسل للحرم النبوى، وهو معروف، ثم شرع في تحصيل العلوم، حتى حصل منها الكثير الطيب، وصار مرجعا للعلماء، وحضرته محطّ رجال الفضلاء.
ثم اشتغل بعلوم الطريق، وأخذ عن كثير من أهله العارفين بالله، حتى حصلت له نفحة من بعض أولياء الله تعالى، وبشّره بأشياء حصلت له،