للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وله من رُقْعة أخرى (١): قد انْفَرَدتَ يا سيدي بتلك انْفِرادَ من يحسَب مطلعَ الشمس من وَجْهها، ومَنْبِتَ الدُّرِّ من فَمِها، ومَلْقِطَ الوردِ من خدِّها، ومَنْبَع السِّحر من طَرْفها، وحِقاق العاجِ في ثَدْيها، ومَبادِي الليل في شَعْرها، ومَغْرِسَ الغُصْن في قَدِّها، ومَهِيلَ الرَّمل في رِدْفِها، وكَلّا فإنها شَوْهاء، وَرْهاء، خَرْقاء، خَلْقاء، كأنّ مُحَيَّاها أيامُ المصائب، وليالي النوائب، وكأنما فقد فيها الحبايب، وسوء العواقب، وكأنما وصْلها عَدَمُ الحياة، ومَوتُ الفُجاءة، وكأنما هَجْرُها قُوَّةُ المِنَّة وكأنما فَقْدُها ريحُ الجنة.

وله من كتاب مُداعَبة أيضًا (٢): اللهَ اللهَ في أخيك، لا تُظْهِرَ كتابَه فيُحْكَم عليه بالماليخوليا،

وبالتخاييل الفاسدة، فقد ذكر جالينوس، أن قوما يبلُغ بهم سوء التّخْييل، أن يُقَدِّروا أجسامهم زُجاجا، فيتَجنَّبوا مُلامسةَ الحيطان، وحكَى أن قوما يظنّون أنفسهم طيورا، فلا يغْتَذون إلا القَرْطم، والْحَظْ كتابي دَفْعةً، ثم مَزِّقه، فلا طائلَ فيه، ولا عائدةَ له، ولا فَرَج عنده. وعلى ذِكر الفَرَج، فقد كانت بهَمْدانَ شاعرةٌ مُجيدة، تُعْرَف بالحَنْظَلِيَّة، وخطَبها أبو عليِّ كاتبُ بكْر، فلمّا ألحَّ عليها وألْحف، كتبت إليه:

أيْرُك أيْرٌ ما له … عند حِرِي هذا فَرَجْ

فاصْرِفْه عن باب حِرِي … وادْخِلْه من حيث خَرَجْ

هذه - والله - في هذين البيتين أشْعَرُ من كَبْشةَ أُمِّ عمرو، والخَنْساء أخْتِ صَخْر، ومن كَعوب الهُذَليّة، وليلي الأخْيليَّة.

وله رُقْعة (٣) إلى القاضي أبي بشر الفضل بن محمد الجُرجانِيّ، عند وُروده بابَ الرَّيِّ، وافدا عليه، وهي:


(١) يتيمة الدهر ٣: ٢٥٢، ٢٥٣.
(٢) يتيمة الدهر ٣: ٢٥٣.
(٣) يتيمة الدهر ٣: ٢٥٤، ٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>