ثم من بعد هذا النمط تناقص الاجتهاد، ووضعت المختصرات، وأخلد الفقهاء إلى التقليد، من غير نظر في الأعلم، بل بحسب الاتفاق، والتشهّي، والتعظيم، والعادة، والبلد. فلو أراد الطالب اليوم أن يتمذهب في المغرب لأبي حنيفة، لعسر عليه، كما لو أراد أن يتمذهب لابن حنبل بـ "بخارى"، و "سمرقند"، لصعب عليه، فلا يجيء منه حنبلى، ولا من المغربى حنفي، ولا من"الهند" مالكي". انتهى.
وقال في ترجمة يحيى بن آدم (١)، بعد ما نقل عن محمود بن غيلان، قال: سمعتُ أبا أسامة يقول: كان عمر في زمانه رأسَ الناس، وهو جامع، وكان بعده ابن عباس في زمانه، وبعده الشعبي في زمانه، وكان بعده سفيان الثوري في زمانه، ثم كان بعد الثورى يحيى بن آدم". قال الذهبي بعد هذا:
قلت: قد كان يحيى بن أدم من كبار أئمة الاجتهاد.
وقد كان عمر كما قال في زمانه.
ثم كان علي، وابن مسعود، ومعاذ، وأبو الدرداء.
ثم كان بعدهم في زمانه زيد بن ثابت، وعائشة، وأبو موسى، وأبو هريرة.
ثم كان ابن عبّاس، وابن عمر.
ثم علقمة، ومسروق، وأبو إدريس، وابن المسيّب.
ثم عروة، والشعبي، والحسن، وإبراهيم النخعى، ومجاهد، وطاوس، وعدة، ثم الزهرى، وعمر بن عبد العزيز، وقتادة، وأيوب.
ثم الأعمش، وابن عون، وابن جُريج، وعُبيد الله بن عمر.
(١) "السير" ٩: ٥٢٥، وفيه (محمد بن غيلان) بدل (محمود بن غيلان)، وهو خطأ.