الخامس: لا خفاء في أن الفقه الحنفي بحر، لا يرى ساحله، فما من مسألة من مسائله إلا وفيها أقوال يفوتها الحصر، فلذلك تسهيلا على القرّاء الكرام، وتقريبا إلى الأفهام، أخذ المؤلّف اللبيب أولا: قولا أفتي به، وثانيا: شفعها، وأتبعها بحديث من الأحاديث النبوية الذي يواقفه، ويوثّقه، وثالثا: مهّد السبيل إلى ردّ ما يرد عليه من القدح فيه، وقد ذيّل أكثر الأحاديث بالنقض على الرواة، لينقشع غمام الريب عمّا هو الحقّ.
السادس: لقد زيّن المؤلّف حواشي الكتاب بالأجوبة المؤيّدة بالحجج الدامغة، كشف القناع غن المقاصد الحنفية، بعد التعبير الصحيح عن الأحاديث، وكتب المسائل على أحوط طريق.
السابع: يشتمل هذ التأليف الجليل على خمسة أجزاء.
وفي صدر هذا الكتاب القيم تقريظ فقيه "هرات" مولانا أبو نصر محمد أعظم البرنابادي الهروي، وكتب إلى المؤلف العلام قائلا:
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزكم الله تعالى خير الجزاء، فقد فزت بما رجوت بعد دراسة الجزئين الأولين من وصول ثلاث نسخ من الجزء الثالث من أفضالكم وألطافكم، ففرحت فرحا بليغا، وحمدت الله تعالى، وتشكّرت لكم حمد العاجرين، بارك الله تعالى فيكم، فقلت: الحمد لله الذي أنشأ رجالا يحيون رسوم الدين، والصّلاة والسّلام على من بشرنا بظهور المجدّدين للدين في كلّ قرن وحين، وعلى آله الهادين المهتدين.
وبعد! فقد قرّت عيني بدراسة الجزئين الأولين من "زجاجة المصابيح"، ووسع قلبي، وشرح صدري بوصول الجزء الثالث من منبع الأصاحيح، فقد فزت في بحر زاخر، في بابه كاف، وبرهان باهر للأحناف، وقانون لسقام الجهل، والقدح في المذهب شاف، لا يستقصي فوائدها إلا من عمق النظر في عوائدها، وقد نبّه عليها نبذا في البدء ناشرها، ويظهر عليها إذا ألقى السمع شهيد القلب بالإنصاف ناظرها، جزى الله تعالى عنا مؤلّفها، ومن سعى فيها.