يقول شيخ الإسلام حفيد الشيخ نور الحق على نهاية المجلّد الثاني من "شرح البخاري"، وهو يقصّ نهب خزانة الشيخ: انتهى في زمن تشتّت البال، واضطراب الحال، من نهب الدار والغارات عليها في هجمة على "دهلي القديمة" باستيلاء الكفّار العتاة باتفاق الطغاة والبغاة وذهاب المكتبة القديمة، والجديدة، التي اشتملت على كتب يندر معظمها في هذه الديار، وكان بعضها متحلّيا بتصحيح وتحشية شيخ المحدّثين الشيخ الأجلّ المحقّق الدهلوي، وكانت تحت يده في دراسته وتدريسه … لم تبق في البيت إلا كتب ملقاة في جوانب متهدّمة.
عاش الشيخ المحدّث عبد الحق الدهلوي أربعا وتسعين سنة، قضى معظم أيام حياته في الكتابة والتأليف، فالحماس الذي بدأ به العمل في مقتبل عمره دام عليه إلى آخر أيام حياته، يقول عبد الحميد اللاهوري: يشتغل بالتعليم، والتأليف، والتصحيح، كما كان في أيام شبابه.
أوصل عبد الحميد اللاهوري ومحمد صالح كنبوه وخافي خان عدد مؤلّفات الشيخ إلى مائة أو فوق المائة بقليل، وقد أخطأ المؤرخّون في التقدير، فقد أفردوا المقالات والرسائل، التي هى أجزاء كتاب واحد، وقد ذكر الشيخ المحدّث قائمة مؤلّفاته في رسالة، سماها "تأليف القلب الأليف" بذكر فهرس التواليف، وظلّ مشتغلا بالتأليف عند إعداد هذه القائمة، فيقول في نهاية هذه القائمة، وتطول سلسلة الكلام الآن، وباب الفيض الإلهي مفتوح إلى أين يصل، وإلى أين يوصل.
تحتوي هذه القائمة على أسماء ٤٩ كتابا، وفي كتاب منها أي "كتاب المكاتيب والرسائل" ثمان وستون رسالة، فإن أفردت هذه الرسائل كما فعل عبد الحميد اللاهوري، ومحمد صالح كنبوه، بلغ عدد المؤلّفات (١١٦)، لكن هذه الرسائل ينبغي أن تعتبر أجزاء كتاب واحد، كما أمر الشيخ المحدّث نفسه بذلك: اجعلوا هذه الرسائل كلّها صحيفة واحدة، وأجمعوها في مجلّدة واحدة.