"اعلم أن الإمام أبا حنيفة قد قبل قوله في الجرح والتعديل، وتلقّاه عنه علماء هذا الفن، وعملوا به، كتلقّيهم عن الإمام أحمد، والبخاري، وابن مَعين، وابن المديني، وغيرهم من شيوخ الصنعة، وهذا يدلُّك على عظمة شأنه وسعة علمه وسيادته.
فمن ذلك ما رواه الترمذي رحمه الله تعالى في "كتاب العلل" من "الجامع الكبير" حدّثنا محمود بن غيلان، عن يحيى الحمَّياني، سمعتُ أبا حنيفة يقول: "ما رأيتُ أكذب من جابر الجعفي، ولا أفضلَ من عطاء بن أبي رباح".
ورَوَينا في "المدْخل لمعرفة دلائل النبوة" للبيهقي الحافظ، بسنده عن عبد الحميد الحِمَّاني، سمعت أبا سعد الصَّغاني، وقام إلى أبي حنيفة، فقال: يا أبا حنيفة، ما تقول: في الأخذ عن الثوري؟ قال: أكتب عنه، فإنه ثقة، ما خلا أحاديث أبي إسحاق عن الحارث، وحديث جابر الجعفي.
وقال أبو حنيفة: "طَلْق بن حبيب كان يرى القَدَر". وقال أبو حنيفة: "زيد بن عيَّاش ضعيف". وقال سُويد بن سعيد، عن سفيان بن عيينة، قال: "أول من أقعدني للحديث أبو حنيفة، قدِمتُ "الكوفة"، فقال أبو حنيفة:"إن هذا أعلم الناس بحديث عمرو بن دينار، فاجتمعوا عليَّ، فحدثتهم".
وقال يعقوب بن شيبة:"كلام رَقَبَةٍ بن مَصْقَلَة، الذي يحدثه سفيان بن عيينة، عن أبي حنيفة" قال يعقوب: "فعرفه ابن المديني، وقال: "لم أجدْه عندي".
وقال أبو سليمان الجُوزَجاني: "سمعتُ حمَّاد بن زيد يقول: ما عرفنا كنية عمرو بن دينار إلا بأبي حنيفة، كنا في المسجد الحرام، وأبو حنيفة مع عمرو