للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: فحين سمع أبو خازم ذلك تبسَّم، وقال لي: كيف رأيتَ؟ قلتُ: بهذا ومثلِه فضَّل القاضي. وجعلتُ أدْعو له، فقال: عليَّ بالغُلام والشيخ. فأرْهَبَ أبو خازم الشيخَ، ووعَظ الغُلام، قال: فأقَرَّ الشيخُ بأنَّ الصورةَ كما بلغَ القاضيَ، وأنَّه لا شئَ له عليه (١)، وأخذَ الرجل بيد ابْنِه، وانْصرَفوا.

ومن شعرِ أبي خازم في مَمْلوكة له: (٢)

أذَلَّ فأكْرِم به مِنْ مُذِلِّ … ومِنْ شادِنٍ لِدَمِ مُسْتَحِلّ (٣)

إذا ما تعزَّرَ قابَلْتُه … بِذُلِّ وذلك جُهدُ المقِلّ

وأسْلَمْتُ خَدِّي له خاضِعا … ولولا مَلاحَتُه لم أذِلّ

وعن أبي عبد الله الصيْمَرِيّ، قال: حُكِيَ أنَّ عُبَيْدَ الله بن سليمان الوزيرَ وجَّه بأبي إسحاق الزَّجَّاج إلى أبي خازم القاضي، وأبي عمرَ محمد بن يوسف، يسألهما في رجلٍ مَحْبوسٍ بدَيْنٍ ثابتٍ عندَهما، فبدأ أبو إسحاق بأبي خازم، فجاء إليه، وقد علا النهارُ، ودخل دارَه، فلم يُمَكِّنْه البَوّابُ من الدُخولِ، وقال: لو جاء الوزير السَّاعة لم يُسْتأذَن عليه.

فانْصَرَف أبو إسحاق، وقعدَ في المسجد مُغْتاظا إلى وقت العصر، فقال: له البَوَّاب: القاضي قد جلسَ، فدخل الزَّجَّاجُ عليه، فلم يُقْبِلْ عليه أبو خازم الإقْبالَ الذي اعْتَقَده الزَجّاج،

وفأدَّى أبو إسحاق الرسالةَ، فقال أبو خازم: تقْرأ على الوزير، أعَزَّه الله، السلام، وتقولُ له: إنَّ هذا الرجلَ محبوسٌ لخَصْمِه في دَيْنِه، وليس بمَحْبوسٍ لي، فإن أراد الوزيرُ إطْلاقَه؛ فإمَّا أنْ يسْأَلَ خَصْمَه إطْلاقَه، أو يقْضِيَ دَيْنَه، فإنَّ الوزيرَ لا يُعْجِزُه ذلك.


(١) أي من أصل ما عليه.
(٢) الأبيات في تاريخ بغداد ١١: ٦٧، والأولان في الجواهر المضية ٢: ٣٦٨.
(٣) في الجواهر "ومن طالب لدمى".

<<  <  ج: ص:  >  >>