يشوّش العوام، الذين هم كالأنعام، بل أتكلّم الناس على قدر عقولهم، انتهي.
وقال بعيد ذلك: ومن منحه: أنه جعلني سالكا بين الإفراط والتفريط، لا تأتي مسألة معركة الآراء بين يديَّ، إلا ألهمت الطريق الوسط فيها، ولست ممن يختار التقليد البحت، بحيث لا يترك قول الفقهاء، وإن خالفته الأدلة الشرعية، ولا ممن يطعن عليهم، ويهجر الفقه بالكلّية. انتهي.
وقال في "الفوائد البهية" في ترجمة عصام بن يوسف: ويعلم أيضا أن الحنفيّ لو ترك في مسألة مذهب إمامه بقوة دليل خلافا لا يخرج به عن ربقة التقليد، بل هو عين التقليد في صورة ترك التقليد، ألا ترى أن عصام بن يوسف ترك مذهب أبي حنيفة في عدم الرفع، ومع ذلك هو معدود في الحنفية، ويؤيّده ما حكاه أصحاب الفتاوى المعتمدة من أصحابنا من تقليد أبي يوسف يوما الشافعي في طهارة القلّتين، وإلى الله المشتكى من جهلة زماننا، حيث يطعنون على من ترك تقليد إمامه في مسألة واحدة لقوّة دليلها، ويخرجونه عن مقلّديه، ولا عجب منهم، فأنهم من العوامّ، إنما العجب ممن يتشبّه بالعلماء، ويمشي مشيَهم، كالأنعام. انتهى.
وكان مع تقدّمه في علم الأثر وبصيرته في الفقه له بسطة كثيرة في علم النسب والأخبار وفنون الحكمية، وكان ذا عناية تامة بالمناظرة، ينبّه كثيرا في مصنّفاته على أغلاط العلماء، ولذلك وجرت بينه وبين العلامة عبد الحق بن فضل حق الخير آبادي مباحثات في تعليقات حاشية الشيخ غلام يحيى على "مير زاهد رساله"، وكان الشيخ عبد الحق يأنف من مناظرته، ويريد أن لا يذاع ردّه عليه، وكذلك جرت بينه وبين السيّد صدّيق حسن الحسيني القَنُّوجى فيما ضبط السيّد في "إتحاف النبلاء" وغيره من "وفيات الأعلام"، نقلا عن "كشف الظنون" وغيره، وانجرتْ إلى ما تأباه الفطرة السليمة، ومع ذلك لما توفي الشيخ عبد الحي المترجم له تأسّف