ولما سافر شيخ المشايخ السهارنبوري إلى "الحجاز المقدّس" فوّض إليه رياسة التدريس، (فودع الأمانة إلى أهلها، وأعطى القوس باريها، وأسكن الديار بانيها) درّس رحمه الله تعالى في جامعة مظاهر العلوم خمسا وثلاثين سنة تقريبا، ورأس الأساتذة والمدرّسين ثلاثا وعشرين سنة، ودرّس في الجامعة العلوم المتنوعة، ففي الحديث درّس "صحيح مسلم"، و"سنن الترمذي"، و"سنن النسائي"، و"سنن ابن ماجه"، و"شرح معاني الآثار" للإمام الطحاوي، و"الشمائل" للترمذي، و"موطأ الإمام محمد"، و"مشكاة المصابيح"، ودرّس في التفسير "تفسير البيضاوي"، ودرّس في الفقه المجلّد الرابع من "الهداية"، وفي أصول الفقه درّس "التوضيح"، و"التلويح"، كما درّس في المنطق والفلسفة كتبا كثيرة، وكان له ملكة تامة في تدريس "سنن الترمذي"، واتفق العلماء على أنه ليس له مثيل في تدريس "سنن الترمذي" في عصره في شبه "القارة الهندية".
أفاد، وأجاد في جامعة خير المدارس بـ "ملتان باكستان" ثلاث سنين، وتخرّج عليه جمع كبير من طلبة الحديث الشريف، وبلغه دعوة من الجامعة العبّاسية بـ "بهاولبور"، فردّها لمصلحة دينية.
هذا، ولما أسّس دار العلوم الإسلامية بـ "تندو الله يار السند" وكان عضوا من أعضاء المجلس الاستشاري، فوّض إليه رياسة التدريس، وقد أوصى بذلك شيخ الإسلام شبير أحمد العثماني، صاحب "فتح الملهم"، رحمة الله عليه، وفوّض إليه شياخة الحديث أيضا، وذلك في سنة ١٣٦٩ هـ، فبقي هناك إلى سنة ١٣٧٢ هـ، وقد بلغته دعوات كثيرة من أصحاب، لكنه لم يقبلها، واعتذر إليهم اعتذارا جميلا، وفي آخر الأمر ناداه أرباب الجامعة الإسلامية بـ "أكوره ختك"، وألحّوا عليه، وأتوا إليه بشفاعات من العلماء، فرضي بالذهاب إليهم لعام واحد، ففي العام القابل ألحّ عليه شيخ التفسير شمس الحق الأفغاني على بقائه في الجامعة، فأقام بـ "أكوره ختك" أربع سنين، وانتفع به خلق كثير.