وعنْ شدَّاد بن حكيم، قال: ما رأيتُ أعلم منْ أبي حنيفة، وعن مكِّيِّ بن إبراهيم قال: كان أبو حنيفة أعلم أهل زمانه. وقال يحيى بن مَعين: سمعتُ يحيى بن سعيد القطَّان يقول: لا نَكْذِبُ الله، ما سمعنا أحسنَ من رأي أبي حنيفة، وقد أخذنا بأكثر أقواله، وقال الربيع وغيره عن الشافعي، قال: الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة.
وقال أبو الفضل عَبَّاس بن عزيز القَطَّان، ثنا حَرْمَلة، سمعتُ الشافعي يقول: الناس عِيَال على هؤلاء، فمن أراد أن يتبحَّر في الفقه فهو عيال على أبى حنيفة، ومن أراد أن يتبحَّر في المغازي فهو عيال على ابن إسحاق، ومن أراد أن يتبحَّر في التفسير فهو عيال على مُقاتل بن سليمان، ومن أراد أن يتبحَّر في الشعر فهو عيال على زُهير بن أبي سلمى، ومن أراد أن يتبحَّر في النحو فهو عيال على الكِسائي.
وروى حماد بن قُريش عن أسد بن عمرو، قال: صلّى أبو حنيفة قيما حُفِظ عليه صلاةَ الفجر بوُضوء العشاء أربعين سنة، وكان عامّة الليل يقرأ جميعَ القرآن في ركعة واحدة، وكان يُسمَعُ بكاؤه بالليل حتى يَرحمَه جيرانُه، وحُفِظ عليه أنه خَتَم القرآن في الموضع الذي تُوفي فيه سبعين ألف مرة.
قلتُ: هذه حكاية منكرة، وفي رواتها من لا يُعرف، رواها عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثى البخاري الفقيه، ثنا أحمد بن الحسين البلخي، ثنا حماد، فذكرها.
قال الحارثى أيضا: وحدثنا قيس بن أبي قيس، ثنا محمد بن حرب المِرْوَزي، ثنا إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة، عن أبيه، قال: لما مات أبي سألنا الحسن بن عُمارة أن يتولى غَسْلَه، ففعل، فلما غسله قال: رحمك الله وغفر لك، لم تُفْطر منذ ثلانين سنة، ولم تتوسَّد يمينك بالليل منذ أربعين سنة، وقد أتبعتَ من بعدَك، وفَضَحْتَ القرَّاء.