رددتها عليه غضب، فقلت: إن هذا المال عظيم في عينه، فإذا دُعيتَ لتقبضها فقل: لم يكن هذا أملى من أمير المومنين، فدُعي ليقبضها فقال ذلك، فرجع إليه خبره فحبس الجائزة.
قال محمد بن عبد الملك الدَّقيقي: سمعتُ يزيد بن هارون يقول: أدركتُ الناس فما رأيتُ أحدا أعقلَ، ولا أورعَ، ولا أفضلَ من أبي حنيفة.
وقال محمد بن عبد الله الأنصاري: كان أبو حنيفة يتبيّن عقلُه في مَنْطِقِه ومَشْيه ومَدْخَلِه ومَخْرجه.
وقال سهل بن عثمان: ثنا إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة، قال: كان لنا جار طَحَّان رافضِيٌّ، له بَغلان، سمَّى أحدَهما أبا بكر، والآخرَ عمرَ، فرمحه ذات ليلة أحدهما فقتله، فقال أبو حنيفة: انظروا الذي رمحه الذي سماه عمر؟ فنظروا، فكان ذلك.
وقال يعقوب بن شيبة: أملى عليَّ بعضُ أصحابنا أبياتا لابن المبارك:
رأيت أبا حنيفة كل يوم … يزيد نبالة ويزيد خيرا
وينطق بالصواب ويصطفيه … إذا ما قال أهل الجَور جَورا
يُقايِسُ من يُقايسُه بلُبٍّ … فمن ذا تجعلون له نظيرا
كفانا فقد حمَّاد وكانت … مُصيبتنا به أمرا كبيرا
فردّ شماتَةَ الأعداء عنا … وأبدى بعدَه عِلمًا كثيرا
رأيتُ أبا حنيفة حين يؤتى … ويُطْلبُ عِلْمُه بَحْرًا غزيرا
إذا ما المشكلات تدافعتها … رجال العلم كان بها بصيرا
روى نصر بن علي عن الخُرَيبي، قال: الناس في أبي حنيفة رحمه الله حاسد وجاهل، وأحسنهم عندي حالا الجاهل.