وسمع من عطاء وأهل طبقته، وروى عنه ابن المبارك، ووكيع بن الجرَّاح، وآخرون.
وطلب منه المنصور أن يلي القضاء، فامتنع، فحبسه على ذلك، وضربه، وهو مُصِرٌّ على الامتناع، حتى مات في السجن، رضى الله عنه.
قال عبد الله بن المبارك في حقه: أتذكرون رجلا عُرِضَتْ عليه الدنيا بحذافيرها، ففرَّ منها.
وكان حسن الثياب، طَيِّبَ الريح، يُعرف بريح الطِّيب إذا أقبل، حسن المجلس، كثير الكَرَم، حسَنَ المواساة لأخوانه، رَبْعَة، وقيل: كان طُوالا، أحسن الناس مَنْطِقا، وأحلاهم نَغْمَةً.
قال: قَدِمتُ "البصرة"، فظننتُ أني لا أسأل عن شئ إلا أجبتُ عنه، فسألوني عن أشياء لم يكن عندي فيها جواب، فجعلتُ على نفسي ألا أفارق حمادا حتى يموتَ، فصحبتُه ثمانيَ عَشْرَةَ سنة، ثم ما صليتُ صلاةً إلا استغفرتُ له مع والدَيَّ، وإني لأستغفر لمن تعلمتُ منه علما أو تعلَّم مني علما.
قال سهل بن مُزاحم: بُذِلت له الدنيا فلم يُرِدْها، وضُرب عليها بالسِّياطِ، فلم يَقْبَلها.
وكان خَزَّازًا، يبيع الخَزَّ، ودكانهُ في دار عَمْرو بن حُريث.
ولما بلغ ابنَ جُريج موته توجَّع، وقال: أيّ علمٍ ذهب.
وقال الفُضيلُ بن عياض. وناهيكَ بها شهادةً من هذا الحَبْر: كان أبو حنيفة معروفا بالفقه، مشهورا بالوَرَع، واسعَ العلم، معروفا بالإفضال، صبورا على تعليم العلم بالليل والنهار، قليلَ الكلام، حتى تردَ مسئلة في الحلال والحرام.