للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولما غَسَّله الحَسَنُ بن عُمارة - قاضي "بغداد" قاله: غَفَر الله لك، لم تُفطِر منذ ثلاثين سنة، ولم تتوسَّد يمينك في الليل أربعين سنة.

وُلد رضي الله عنه سنة ثمانين من الهجرة، وتوفي بـ "بغداد". قيل: في السجن، على أن يلي القضاء - سنة خمسين على المشهور، أو إحدى أو ثلاث وخمسين ومائة، في شهر رجب. وقبره بـ "بغداد"، يُزار.

ومن فضله قول إمامنا الشافعي: الناس في الفقه عِيال على أبي حنيفة، رحمه الله تعالى. انتهى كلام ابن عَلّان، رحمه الله تعالى.

فهولاء الحُفّاظ النُّقَّاد أئمة الجرح والتعديل لم يُوردوا في تصانيفهم شيئا مما ذكر أعداؤُه وحُسّادُه من مطاعنه ومَثَالبه، فثبت من صنيع هؤلاء جميعا أن كل ما ذُكِر في بعض كتب الرجال من جَرْحِه، ينبغى أن يُرمَى به عُرْضَ الحائط.

ولا شكَّ أنه ما طَعَن أحد في قول من أقواله إلا لجهله به، إما من حيث دليلُه، وإما من حيث دِقَّةُ مداركه عليه، - رضى الله تعالى عنه -، وقد أجمع السَّلَفُ والخَلَفُ على كثرة علمه، ووَرَعِه، وعبادته، ودقَّة مداركه واستنباطاته. ولا عبرة بقول الجُهَّال والحُسَّاد والأعداء على كل حال. ولقد صَدَق الإمام عبد الوهَّاب الشَّعْراني رحمه الله تعالى؛ حيث يقول في "الميزان الكبرى" (١):

"وأما ما نقل عن الأئمة الأربعة رضى الله عنهم أجمعين في ذم الرأي، فأوَّلهم تَبَرِّيًا من كل رأي يخالف ظاهر الشريعة الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان بن ثابت رضى الله عنه، خِلافَ ما يضيفه إليه بعض المتعصّبين، ويا فضيحته يوم القيامة من الإمام إذا وقع الوجه في الوجه، فإن من كان في قلبه نور لا يتجرأ أن يذكر أحدا من الأئمة بسوء.


(١) ١: ٥٤ و ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>