للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: ومن سجاياه الفاضلة الجميلة، التي لا يدانيه عامة أهل زمانه قوة عارضته، لم يناضل أحدا، إلا أصحاب غرضه، وأصمى رميته، وأحرز خصله.

ومن ذلك: براعته في تحسين العبارة، وتحبيرها، والتأنّق فيها، وتحريرها، حتى عدّه أقرانه مقدّما من بين حلبة رهانه، وسلموها له قصبات السبق في ميدانه.

ومنها: فراسته التي أقدره الله بها على تأويل الرؤيا، فكان لا يعبّر شيئا منها، إلا جاءت كما أخبر به، كأنما قد رآها، وهذا لا يكون إلا لأصحاب النفوس الزاكيات المطهّرة عن أدناس الشهوات الرديئه وأرجاسها، وكم له من خصال محمودة وفضائل مشهودة.

وجملة القول فيه: إن الله تبارك وتعالى قد جمع فيه من صنوف الفضل وشتاته، التى فرّقها بين أبناء عصره في أرضه، ما لو رآه الشاعر الذي يقول:

ولم أر أمثال الرجال تفاوتا … لدى المجد حتى عدّ ألف بواحد

استبان له مثل ضوء النهار، أنه وإن كان عنده أنه قد بالغ فيه، فإنه قد قصر، فكيف الظنّ بأمثاله أن يحسن عدّ مفاخره، التي أكثر من حصى الحصباء، ومن نجوم السماء؟ انتهى.

قلت: ولي اعتزاء إليه بطرق متعدّدة في العلم والطريقة، أعلاها طريق الشيخ الإمام الحجّة الرحلة مولانا فضل الرحمن بن أهل الله البكري المراد آبادي، سمعت منه "الحديث المسلسل" بالأولية، و"المسلسل" بالمحّبة، وطرفا صالحا من "الجامع الصحيحح" للإمام البخاري، وهو سمع منه جميع ما ذكر، كما أخبرني بلفظه، وإني رأيت الشيخ عبد العزيز في المنام في أيام الطلب والتحصيل، وكنت إذ ذاك في "كانبور"، كأني طفل صغير في حجر شيخ كبير، نقيّ اللون والثياب، مهاب، رفيع القدر، كأنه أحد الأئمة من أجدادي، فألعب في حجره، تارة أقعد على ركبته، ومرة أجلس بين يديه، وهو يلاطفني، كما

<<  <  ج: ص:  >  >>