فعلى هذا الوجه تكون رواية الإمام أبي حنيفة عن بعض الضعفاء مذهبا واختيارا، لا جَهْلا واغترارا.
المحْمَلُ الثاني: أن يكون ضعف أولئك الرواة الذين روي عنهم مختلفا فيه، ويكون مذهبه وجوب قبول حديثهم، وعدم الاعتداد بذلك التضعيف، إما لكونه غير مفسّر السبب، أو لأجل مذهب، أو غير ذلك، وقد جرى ذلك لغير واحد من العلماء والحفَّاظ، بل لم يَسْلَم من ذلك صاحبا "الصحيح".
وكذلك أئمة هذا العلم: هذا الإمام الشافعي رضي الله عنه أكثر من الرواية عن إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمى، ووثَّقه، وقد خالفه الأكثرون في ذلك، وقال ابن عبد البر في "تمهيده": أجمعوا على تجريح ابن أبي يحيى إلا الشافعي.
قلت: أما الإجماع على تجريحه فغير مسلَّم، فقد وافق الشافعيَّ على توثيقه أربعة من كبار الحفَّاظ، وهم ابن جُريج، وحَمْدان بن محمد الأصبهاني، وابن عَدي، ابن عُقْدَة.
وقال الذهبي في "التذكرة": لم يكن ابن أبي يحيى في وزن من يضع الحديث. انتهى. ولكن تضعيفه قول الجماهير، وهو المصحّح عند أئمة الحديث من الشافعي كالنووي، والذهبى، وابن كثير، وابن النَّحْوي - وهو ابن الملَقِّن شيخ الحافظ ابن حجر -، وغيرهم.
وكذلك روى الشافعي عن ابن خالد الزِّنْجِي المكّى، وهو مختلَفٌ في توثيقه.
وكذلك الإمام أحمد يروي عن جاعة مختلَفٍ فيهم.
وكذلك القاسم بن إبراهيم، ويحيى بن الحسين رضى الله عنه قد رويا عن ابن أبي أُويس، وهو مختلَفٌ فيه.