للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المتروكين، فقيل له: ألستَ تروي عنه؟ فقال: إني أروي ما أعرف، وهذا من لطيف علم الحديث.

وعن مسلم أنه ربما أخرج الإسناد الضعيف لعلوِّه، واقتصر عليه، وترك الإسناد الصحيح لنزوله ومعرفة أهل الشأن له، روى ذلك النووي عن مسلم تنصيصا، وفيه دلالة على أن رواية العالم لحديث الرجل الضعيف لا تدل على جهله بضعفه.

وكذلك البخاري قد ضعَّف هو بعض من روى عنه في "الصحيح"، ذكر ذلك الذهبي في "الميزان"، وهذا يدل على أنه لم يتعمدْ على ذلك الراوي الذي ضعَّفه لو لا شواهد بحديثه ومتابعات، وهذا من لطائف علم الحديث.

ولذا قال الإمام النووي: إن من صحَّح حديثا على شرط مسلم لكون رواته من رواة "صحيح مسلم" فقد وَهِمَ في ذلك.

المحْمَلُ الرابع: أن تكون رواية الإمام أبي حنيفة من قبيل تدوين ما بلغه من الحديث صحيحه وضعيفه، كما هو عادة كثير من مصنّفي الحفَّاظ أهل السنن والمسانيد، وغرضهم بذلك حفظ الحديث للأمة، لينظر في توابعه وشواهده، فإن صحَّ منه شيء عُمل به، وإن بطل شئ حُذِّر من العمل به، وإن احتمل شيء الخلاف كان للناظر من العلماء أن يعمل فيه باجتهاده.

وفي الرواية المشهورة عن البخاري أنه كان يحفظ ثلاثمائة ألف حديث، منها مائتا ألف غير صحاح.

وقال إسحاق بن راهُويه: أحفظُ مكان مائة ألف حديث، كأني أنظر إليها، وأحفظُ سبعين ألف حديث صحيحة عن ظهر قلبي، وأحفظ أربعة آلاف حديث مُزوَّرة، فقيل له في ذلك، فقال: لأجل إذا مرَّ بي منها حديث في الأحاديث الصحيحة فلَيْتُه فَلْيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>