فامتنع من مقابلة الزوّار لهذ العذر إلى الانقلاب الدستوري في الدولة العثمانية سنة ١٣٢٦ هـ.
ولما أحيل أمرُ إصلاح المعاهد الدينية إلى كفاءة العلامة محمد خالص الشِّرْواني بأن عُيّن لوكالة الدرس بالمشيخة الإسلامية، أعني وظيفة الإشراف العام الفعلي علي شئون العلم العلماء - اختار صاحب الترجمة في عداد من اختارهم لمجلس الوكالة، فأبى شيخنا قبول ذلك بأدئ ذي بدء.
لكن لما أصرّ الأستاذ محمد خالص قائلا: إن الإصلاح لا يتمّ إلا بمؤازرتكم، فإن رفضتم ذلك نهائيا، فوالله إني أستقيل حالا، فيكون وزر تأخير أمر الإصلاح على أكتافك، فاهتزّ شيخنا، واضطرُّ إلى قبول مؤازرته، متوكّلا على الله سبحانه، فعاد ثانية إلى ساحة التوطف بالحكومة، إلى أن عيّن سنة ١٣٢٩ هـ، لوكالة الدرس، بعد أن مرض الشيخ الشرواني مرضان لا يرجَى برؤه، واستمرّ على ذلك إلى وفاته.
وكان امتحان العالمية (امتحان الرؤس) يجرى في كلّ خمس سنوات مرّة في عند تخرجنا في العلوم، فمن لم ينجح في الامتحان يبغي في اضطرار أن ينتظر خمس سنوات أخرى، ليتقدّم للامتحان، وهذا كان مما يستنفد صبر الصابرين، فكان من الضروريّ جدا لمن يريد النجاح في ذلك الامتحان أن يستعدّ في حينه للامتحان بكلّ ما أوتي من حول وطول،
ولذلك كنت أذاكر مع بعض زملائي العلوم بعناية بالغة قبل انتهائنا.
من الدروس المرتّبة، وكان درس الصبح بلغ إلى مبحث ما بعد عذاب القبر من الحواشي على "النسفية"، فقرّرتُ التخلّفَ عن درس الصبح أياما، لسهولة ما بعد هذا المبحث، حتى أتفرّغ لما نحن بسبيله، من مذاكرة العلوم، استعدادا للامتحان، ففعلتُ.
ففى ليلة الخميس من الأسبوع الذي تخلّفت فيه عن درس الصبح رأيت في المنام الأستاذ في جامع الفاتح، وهو يبتسم إليّ، ويقول: إني لا أراك