فيِ درس الصباح منذ أيام، فلا تتخلّفْ عن الدرس بأعذار واهية، فإن الدرس لا يخلو من فائدة.
ولما استيقظتُ قلتُ: إني ربما كنت فكّرت فيما إذا كان الأستاذ أحسن بعدم حضوري من أيام، فرأيت هذه الرؤيا من قبيل حديث النفس، ولم أحكها لأحد.
وفي ليلة الجمعة حضر أحد خُلَّص إخواني يفي الدرس إلى سَكَني، وقال لي: إني صادفت الأستاذ قرب جامع الفاتح قبل المغرب، فوقف، فسلّمتُ عليه، ثم قال لي: لعلّك تذهب إلى فلان يعنيني، فقلت: نعم، فقال: بلّغه سلامي، وقل له: إني لا أراه في درس الصباح منذ أيام، فلا يتخلّف عن الدرس بأعذار واهية، لأن الدرس لا يخلو من فائدة على طِبَق ما رأيته في المنام، فلم أستطع بعد ذلك التخلّفَ.
ولا أقول: إن الصالحنِن من العلماء يعرفون الغيب، وإنهم يعلمون ما يحدث في المنام، ولكن التوافق بهذا الشكل بنِن اليقظة والمنام، مما لا يدع شكا في أن الله سبحانه يسدّد كلمات الصالحين، من العلماء نحو ما يرشد تلاميذهم إلى السداد.
ومن عادة الناجحين في امتحان العالمية أن يزوروا أستاذهم قبل البدء في التدريس، راجين دعاءه، ومسترشدين بنصائحه الثمينة، ومستأذنين في بدئ التدريس.
وعلي طِبَق هذه العادة ذهبتُ إلى الأستاذ بعد النجاح في الامتحان قبل البدء في التدريس بأيام، مسترشدا طالبا أن يدعو لي، فقال: كنت ذهبت إلى بلدي بعد النجاح فِى الامتحان، وبعد العيد توجّهتُ إلى العاصمة لأبدأ في التدريس، ولم يكن معي إلا طالب واحد، فصادفت في الطريق أحد أصدقائي، فتال لي: ألم تكن عازما على أن تبتدي التدريس في هذا العام، قلت: بلى.