كلّ كتاب من تصانيفه دال على غاية تحقيقه، ومشاركته في ذلك العلم، وسائر مؤلّفاته متلقّاة بالقبول، ومتداولة بين أهل العلم، فلا معنى لقوله ليس عليها نور العلم، بل قلّ من خرج من الحنفية في هذا العصر مثل علي القاري المصنف المحقّق، وله اليد الطولي في تحقيق الفقه والحديث، والتدقيق في علوم الكلام والمعقول.
وأما اعتراضه على الإمام مالك في إرسال اليدين في الصلاة، وعلى بعض أصحاب الشافعي في بعض المسائل، فلم يكن مبنيا على العصبية، ومجرّد الهوى، بل لوضوح الأدلة خلافها، ومثل هذا الاختلاف يوجد في المتقدّمين، والمتأخّرين من العلماء قديما وحديثا، ولم يكن خاصّا به. انتهى كلامه.
وهذا يثبت أن ما قاله محمد مكين وغيره من معاصريه في حقّه ما هو إلا ناتج عن تعصّب محض، والخلاف الناشي عن المعاصرة، إما لمنافسة دنيوية، أو عصبية مذهبية، والمثل السائر يقول: المعاصرة سبب المنافرة. ولذا قال ابن حجر العسقلاني: إن قول الأقران بعضهم في بعض غير مقبول، وما علمت عصرا سلم أهلُه من ذلك، غير عصر الصحابة والتابعين. انتهى كلامه.
أما مسئلة الإرسال فلا يخفى أنه قول ضعيف عند عامة أهل العلم، وحاشا علي القاري أن يتكلّم في حقّ الإمام مالك كما هو برئ منه.
وأما اعتراضه على الشافعي، فقال فيه الشيخ: جميل بكالعظم في كتابه "عقود الجوهر في تراجم من لهم خمسون تصنيفا فمائة فأكثر" ما نصّه: قلت: أما تعرّضه للاعتراض على الشافعي ففيه نظر، بدليل أنه ألّف رسالة، ردّ بها على من نسبه إلى تنقيص الإمام الشافعي، والاعتراض عليه، وإنما ألّف رسالة، سماها "تشييع فقهاء الحنفية لتشنيع سفهاء الشافعية" ردّ بها على من أفغرفاه من الشافعية في التنكيت على مذهب الإمام الأعظم، بل على الإمام ذاته.