وقد بين المولى علي القاري تفصيل هذه القضيّة في أول رسالته "تشييع فقهاء الحنفية لتشنيع. سفهاء الشافعية" ما نصّه حرفيا: فلمَّا رأيتُ في بعض الرسائل الشافعية طعنا شنيعا، وقدحا فذيعا، بالنسبة إلى الأئمة الحنفية، كتبت رسالة للردّ عليهم في هذه القضيّة، وسمّيتُها "تشييع فقهاء الحنفية لتشنيع سفهاء الشافعية"، وانتشرت تلك الرسالة بين الفقهاء والسفهاء المكّية، وتحرّك لبعضهم عرق الجاهلية، فقامت عليهم القيامة، وأطالوا علينا لسان الملامة ما بين سفيه منتن صائح في الأسواق وأوساط الزقاق، إلا أن فلانًا سبّ الشافعي، وطعن في أصحاب مذهبه من النووي والرافعي، لما عجزوا عن المقاومة معي بالبحث في الكلام، جرى بين عموم الناس الجدال، كثرة القيل والقال، حتى كاد أن يقع القتال، فتذكرت قول المستضعفين من المتقدّمين، فقلت:(رَبَّنَا لا تخرجنا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا)، فتولى أمري رعايتي شيخ الحرم المحترم، ذو الشمائل السنيّة السنينة، والفضائل الرضيّة البهية، مولانا بدر الدين حسن، أحسن الله إليه بأنواع المنن، وقام بنصرتي وحمايتي، مولانا الأعظم، والمقتدى الأفخم، زبدة المحقّقين، وعمدة المدقّقين، صاحب التصانيف المفيدة، والتآليف المجيدة، المستقيمة على جادة طريق النبوي، والمقيم على سجّادة سبيل المصطفوي، مولانا القاضي حسين كفوي (الكفوي)، جمع الله له بين الإنعام الدنيوي، والإكرام الآخروي، بأن أظهر لهم سيفا حدا قاطعا لامعا، وصار بيني وبينه حدا جامعا مانعا، وما ذاك منهما، كان الله لهما، وفي عيونهما إلا لقوة دولة ظلّ الظليل السلطاني، ولحالة السيف البرهاني، أدام الله دولته، ونصرة أحبّائه على أعداء الدين، من الكافرين، والظالمين، ولرعاية مولانا حامى أهل الحرمين الشريفين، وهادي سكّان المقامين المنيفين، حفظه الله عن آفات الدارين،