بحرمة سيّد الثقلين، فحمدت الله على ذلك، وشكرته في الثبات لما هنالك، ورأيت الأعداء بعدها هابوا، وخابوا بين مخزي، وهالك، كما قال قائل:
الحمد لله راح الباغضون وهم … بكيدهم في اعتذار لا يفيدهم.
وقال المجي في "خلاصة الأثر": وأعجب من ذلك ما نقله عنه السيّد محمد بن عبد الرسول البرزنجي الحسيني في كتابه "سداد الدين في إثبات النجاة للواردين" أنه شرح "الفقه الأكبر"، المنسوب إلى الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالي، وتعدّى فيه طوره في الإساءة في حقّ الوالدين، ثم إنه ما كفاه ذلك، حتى ألّف فيه رسالة، فليته إذ لم يراع حقّ رسول الله صلى الله عليها وسلم، حيث أذاه بذلك، حتى ألّف فيه رسالة، وقال في شرحه لـ "لشفا" متبجّحا، ومفتخرا بذلك لبيان شرف المصطفي، صلى الله عليه وسلم، وقد اختار المولى على القارى هذا القول بما ورد في رواية صحيحة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمّه، فبكي، وأبكى من حوله، فقال: استأذنت ربي في أن أستغفر لها، فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها، فأذن لي، فزوروا القبور، فإنها تذكّر الموت. رواه مسلم، حيث قال في شرح هذا الحديث: ذكر ابن الجوزي في "كتاب الوفاء" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أبيه كان مع أمّه آمنة، فلمَّا بلغ ستّ سنين خرجت به إلى أخوالها بني عدى بن النجَّار، بـ "المدينة"، تزورهم، ومنهم أبو أيوب، ثم رجعت به إلى "مكة"، فلما كانوا بـ "الأبواء" توفيت، فقبرها هناك، وقيل: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم. "مكة"، زار قبرها بـ "الأبواء"، ثم قام مستعبرا، فقال: إني استأذنت ربّي في زيارة قبر أُمّي، فأذن لي واستأذنته بالاستغفار لها، فلم يأذن لي، ونزل {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} الآية.