ففي أولها مسند الشيخ إبراهيم الكوراني في الكتاب إلى علي ابن أحمد الفارسي، عن نصير بن يحيي، عن ابن مقاتل (محمد بن مقاتل الرازي)، عن عصام ابن يوسف، عن حمَّاد بن أبي حنيفة، رضي الله عن الجميع. وفي مكتبة شيخ الإسلام هذه نسختان من "الفقه الأكبر" رواية حمَّاد قديمتان، وصحيحتان، فيا ليت بعض الطالبين قام بإعادة طبع "الفقه الأكبر" من هاتين النسختين، مع المقابلة بنسخ دار الكتب المصرية.
ففي بعض تلك النسخ: وأبوا النبيّ صلى الله عليه وسلم ماتا على الفطرة، والفطرة سهلة التحريف إلى الكفر في الخطّ الكوفي، وفي أكثرها ماتا على الكفر، كان الإمام الأعظم يريد به الردّ على من يروي حديث "أبي وأبوك في النار"، ويرى كونهما من أهل النار، لأن إنزال المرء في النار لا يكون إلا بدليل يقيني، وهذا الموضوع ليس بموضوع عمليّ، حتى يكتفى فيه بالدليل الظني.
ويقول الحافظ محمد المرتضى الزَّبيدي، شارح "الإحياء" و "القاموس" في رسالة "الانتصار لوالدي النبيّ المختار"، كنت رأيتها بخطّه عند شيخنا أحمد ابن مصطفى العمرى الحلبي، مفتي العسكر العالم المعمّر ما معناه: إن الناسخ لما رأى تكرّر في ما ماتا ظنّ أن إحداهما زائدة، فحذفها، فذاعت نسخته الخاطئة، ومن الدليل على ذلك سياق الخبر، لأن أبا طالب والأبوين لو كانوا جميعا على حالة واحدة جمع الثلاثة في الحكم بجملة واحدة، لا بجملتين، مع عدم التخالف بينهم في الحكم، وهذا رأي وجيه من الحافظ الزَّبيدي، إلا أنه لم يكن رأى النسخة التي فيها ما ماتا، وإنما حكى ذاك عمن رآها، وإني بحمد الله رأيتُ لفظ ما ماتا في نسختين بدار الكتب المصرية قديمتين، كما رأى بعض أصدقائى لفظي ما ماتا، وعلى الفظرة في نسختين قديمتين بمكتبة شيخ الإسلام المذكورة، وعلى القاري بنى شرحه على النسخة الخاطئة، وأساء الأدب، سامحه الله.