وحجّ إلى بيت الله الحرام مرتين، وملك كتبًا نفيسة، وكانت تجله أهالي "دمشق" وغيرها، ويعتقدونه، ويتبرّكون به، ومع هذا فلم يتولّ وظيفة، ولا العثماني، نعم الرجل الفرد، وصار له اشتهار عظيم، فاق به، وسما شأنه مِع انطراح منه، واستقامة وفضل باهر، ولم يزل على حالته واستقامته إلى أن مات، وذوي ذوى كرمى غصن عمره قبل نموه، وأفل بدره قبل اكتماله، وكان مرضه ثمانية عشر يومًا.
وكانت وفاته ليلة الخميس عند طلوع الفجر لعشرين من شوال سنة أربع وتسعين ومائة وألف، ودفن يوم الخميس في الصالحية كقبرة بني الزكي الكائنة لصيق مرقد سيّدي الشيخ الأكبر محي الدين العربي قدس سرّه بوصية منه، وأوصى أيضًا أن لا يعلم له في المنائر، وأن يقال عند الصلاة عليه الصلاة على العبد الحقير المفتقر إلى رحمة مولاه فلان من غير أن ينوه به، ففعل، كما أوصى عند الصلاة عليه بالجامع الأموى، ورثى بقصائد وتواريخ، من ذلك قصيدة تلميذه الفاضل الألمعي السيّد عبد الحليم بن أحمد اللوجي، ومطلعها بالجامع الأموي:
ما خلت إن عقود الشمل تنتشر … وإن صدع فؤادي ليس ينجبر