بإرسال الوفود من العلماء وغيرهم لتثبيت المسلمين على دينهم، وسافر رئيسا لوفد جمعية العلماء لحضور المؤتمر الإسلامي، الذي انعقد بدعوة الملك عبد العزيز بن سعود في ذي القعدة سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وألف، وظهرت حصافة رأيه وعمق نظره في المباحثات، التي دارت في هذا المؤتمر والقرارات التي اتخذت فيه.
وسافر مرّة ثانية لحضور مؤتمر "فلسطين"، الذي عقد في "القاهرة" في شعبان سنة سبع وخمسين وثلاثمائة وألف، ولقي حفاوة واستقبالا في الأوساط الإسلامية والعلمية في "مصر"، وتلقّاه العلماء والزعماء بصفة المفتي الأكبر للديار الهندية، ومن كبار علمائها وقادتها.
وقد استقلّت "الهند" سنة ستّ وستين وثلاثمائة وألف، وقامت الحكومة الوطنية، وقد آلمه ما رآى من خيبة الأمل في الذين كافح معهم في تحرير البلاد، وفي تعايش الشعوب المختلفة في البلاد تعايشا سلميا وديا، فكسر ذلك خاطره، وانصرف عن المحافل السياسية، واعتزل في البيت عاكفا على العلم والإفتاء والذكر والعبادة، حتى وافته المنية.
كان الشيخ كفاية الله قويّ العلم، عالما متقنا، ضليعا، طويل الباع، راسخ القدم في الفقه، عظيم المنزلة في الإفتاء وتحرير المسائل، وتنقيحها، يكتبها بعبارة وجيزة متينة.
وكان دقيق النظر في المسائل والنوازل، جيّد المشاركة في الحديث وصناعته، له ذوق في الأدب العربي، وقدرة على قرض الشعر، بارعا في الحساب والعلوم الرياضية، جيّد الخطّ، كثير التواضع، قليل التكلّف، وقورا، رزينا، يحبّ الترتيب والنظام في كل شيء، يخدم نفسه، ويكون في مهنة أهله في البيت، له سلامة فكر وصفاء ذهن، وتورعّ عن الغيبة وفحش الكلام.