فيها دلائل الحلّ والحرمة، وقضيت فيه بأنه حلال لمن يسمع بالقلب، وحرام لمن يسمع بالنفس.
فقال السلطان: إنكم سرتم إلى بلاد "الروم" و"الشام" و"بغداد"، هل يمتنع المشايخ عن استماع الغناء في تلك البلاد أم لا؟
فقال: لا، فإن المشايخ يستمعون الغناء بالدفّ من غير نكير عليه.
فقال القاضي جلال الدين المذكور: ينبغي للسلطان أن ينصر مذهب الإمام الأعظم رحمه الله، ويحكم بالمنع عنه.
فقال الشيخ نظام الدين: لا ينبغى له أن يحكم بشئ قبل أن تفصل القضية.
ثم لما كانت أدلة التضليل لمن يقول بالتحليل ظاهرة البطلان رجع البحث إلى الحلّ والحرمة.
ثم آل إلى أولوية الترك أو الفعل، وكان من أول الضحى إلى الزوال، ثم انفضّ المجلس، وأذن له تغلق شاه بالرجوع مراعيا للأدب والاحترام.
فلما رجع الشيخ إلى داره، وفرغ من صلاة الظهر أمر بإحضار القاضي محي الدين الكاشاني، والقاضى ضياء الدين البرني، وخسرو بن سيف الدين الدهلوي.
وقال: إني عجبت اليوم من جرأة الفقهاء، كيف أنكروا الأحاديث؟ وقالوا: إن الرواية الفقهية مقدّمة عليها، وبعضهم قالوا: إن ذلك الحديث متمسّك للشافعى، وهو عدوّ لعلمائنا، فلا نستمعه، ولا نعتقده.
وقالوا ذلك بمحضر الصدور والقضاة، فكيف يصحّ اعتقادهم في الأحاديث! فإن رضي السلطان بها ومنع عن رواية الحديث أخاف أن يحلّ عليهم غضب الله سبحانه، ويهلك الحرث والنسل بسوء اعتقاد العلماء بالحديث.