استينافية، (فإن قلت: هل يصح نصب الحجة على أنه مفعول حفظ، وجعل على فعلا ماضيًا، والموصول بعده مفعوله منصوبًا بنزع الخافض على الحذف والإيصال، والتقدير من حفظ حجة علاء على من لم يحفظ، ثم حذفت على، وباشر الفعل المنصوب، فنصبه على حد قول الطغرائي:
وإن علاني من دوني فلا عجب … لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل
قلت: التقدير لا يروج عند الناقدين إلا للضرورة، ولا ضرورة هنا على أن رسم الخط لا يساعده أيضًا، فإنه لوكان فعلًا ماضيًا لكتب بالألف، والموجود بصورة الياء.
فإن قلت: يمكن أن يرجح نصب الحجة بأنه يلزم من عدمه بقاء حفظ بلا مفعول، على أنه من الأفعال المتعدية.
قلت: مثل هذا غير عزيز في كلامهم، فإنه تقرر في فن المعاني أنه قد يكون الغرض من الفعل المتعدى إثباته لفاعله أو نفيه عنه مطلقا، من غير اعتبار تعلقه بمن وقع عليه، فينزل منزلة اللازم.
فإن قلت: فما ذكرته مرجح لرفع الحجة، وحينئذ فكيف يصح حملها على الموصول الذي هو عبارة عن الشخص.
قلت: هو من باب المجاز المرسل من قبيل إطلاق الحال وإرادة المحل أو إطلاق المسبب وإرادة السبب، وأمثاله أكثر من أن تحصى، ولهذا الكلام تتمة أعرضت عنها لعدم تعلقها بالغرض، ومنشآته وآثاره كثيرة، وأما لطائفه ونكاته، فما اشتهر وبهر، وما أحقها بأن تدون، ويسامر بها، ومن نادرها أنه خرج هو وجماعة من العلماء إلى توديع بعض قضاة "الشام" كان عزل عنها لنسبة الجهل إليه، وأعطى بعدها قضاء "حلب"، فلما ودعوه قال: إن كان لكم في "الحلب" بالتعريف حاجة فاذكروها لنا، حتى نرسلها لكم إلى شام بدون تعريف، فقال له المترجم: ليس لنا حاجة ثمة، إلا الألف واللام الذاهبتان من "شام"، فلتنعموا بإرسالهما، وله غير ذلك.