ومما قيل في ذلك: إنه أمر أخاه أن يكون قعوده مع قاضي القضاة في قبَّة مرتفعة مفروشة بالبسط، فمن كان له حقّ على أحد من كبار الأمراء، وامتنع من أدائه لصاحبه، يحضره رجال أخيه عند القاضي لينصفه.
ومما فعل ذلك: أنه أمر برفع المكوس عن بلاده، وأن لا يؤخذ من الناس إلا الزكاة، والعشر خاصة، وصار يجلس بنفسه للنظر في المظالم في كل يوم اثنين وخميس، ولا يقوم بين يديه في ذلك اليوم إلا أمير حاجب، وخاص حاجب، وسيّد الحجّاب، وشرف الحجّاب، لا غير، ولا يمنع أحد ممن أراد الشكوى من المثول بين يديه، وعيَّن أربعة من الأمراء الكبار، يجلسون في الأبواب الأربعة لأخذ القصص من المشتكين، فإن أخذ الأول فحسن، وإلا أخذه الثاني، أو الثالث، أو الرابع، وإن لم يأخذوه مضى إلى قاضي المماليك، فإن أخذه منه، وإلا شكا إلى السلطان، فإن صحَّ عنده أنه مضى إلى أحد منهم، فلم يأخذه منه أدّبه، وكل ما يجتمع من القصص في سائر الأيام يطالعه بعد العشاء الآخرة.
وأما فتكات هذا السلطان، وما نقم من أفعاله، فلا تسأل عن ذلك، فإنه كان مع تواضعه، وإنصافه، ورفقه بالمساكين، وكرمه الخارق للعادة، كثير التجاسر على إراقة الدماء، لا يخلو بابه عن مقتول إلا في النادر.
كان يعاقب على الصغيرة والكبيرة، ولا يحترم أحدا من أهل العلم والصلاح والشرف، وفي كل يوم يرد عليه من المسلمين والمغلولين والمقيّدين مئون، فمن كان للقتل قتل، أو للعذاب عذّب، أو للضرب ضرب.
فمن ذلك: قتله لأخيه مسعود خان أمه كانت بنت السلطان علاء الدين الخلجي، وكان من أجل الناس، فاتّهمه بالقيام عليه، وسأله عن ذلك، فأقرّ خوفا من العذاب، فأنه من أنكر ما يدّعيه عليه يعذّب، فيرى الناس أن القتل أهون من العذاب، فضرب عنقه في وسط السوق، وبقي مطروحا