للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالليل بعد ما صلى العشاء: أيعيد الصلاة؟ قال: نعم. فقام، وأخذ نعله، وأعاد العشاء فى زاوية المسجد، وهو أول ما تعلم من أبي حنيفة. فلما رآه يعيد الصلاة، أعجبه ذلك.

وقال: إن هذا الصبى يفلح إن شاء الله تعالى، وكان كما قال، ثم ألقى الله سبحانه فى قلبه حبّ التفقّه في دين الله بعد أن رأى جلال مجلس الفقه، فعاد إلى المجلس يريد التفقه. فقال له أبو حنيفة: استظهر القرآن أولا، لأن المتفقه على طريقة أبي حنيفة في حاجة شديدة إلى ذلك، لأنه ما دام الاحتجاج بالقرآن ميسورا، لا يعدل عنه إلى حجة سواه، وله المنزلة الأولى في الحجّة عنده، حتى إن عموماته قطيعة، فيما لم يلحقه تخصيص. فغاب سبعة أيام، ثم جاء مع والده، وقال حفظته. وسأل أبا حنيفة عن مسئلة، فقال له أبو حنيفة: أخذت هذه المسئلة من غيرك، أم أنشأتها من نفسك؟ فقال: من عندى. فقال أبو حنيفة: سألت سوال الرجال، أدم الاختلاف إلينا وإلى الحلقة.

ومن ذلك الحين أقبل محمد بن الحسن إلى العلم بكليته، يلازم حلقة أبي حنيفة، ويكتب أجوبة المسائل في مجلسه، ويدوّنها بعد أن لازمه أربع سنين، على هذا الوجه مات أبو حنيفة رضي الله عنه. ثم أتم الفقه على طريقة أبي حنيفة عند أبي يوسف. هذا ما يتعلق بفقه أبي حنيفة.

إمامته في اللغة وبراعته فيها:

وفي "الأنساب" للسمعاني: وروي عن أحمد بن حنبل، قال: إذا كان في المسئلة قول ثلاثة لم تسع مخالفتهم، فقلت: من هم؟ قال: أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، فأبو حنيفة أبصر الناس بالقياس، وأبو يوسف أبصر الناس بالآثار، ومحمد أبصر الناس بالعربية.

وقال القاضى أبو القاسم بن أبى العوام: سمعت أحمد بن محمد بن سلمة، وهو الطحاوي، يقول: سمعت محمد بن شاذان، يقول سمعت

<<  <  ج: ص:  >  >>