الأخفش النحوي، يقول: ما وضع شيء بشيء قط، فوافق ذلك الشئ، إلا كتاب محمد بن الحسن، فإنه وافق كلام الناس. انتهى. يريد أنه موافق للعربية تمام الموافقة.
وقد قال الإمام المجتهد أبو بكر الرازي في شرحه على "الجامع الصغير" للإمام محمد: كنت أقرأ بعض مسائل من "الجامع الكبير" -تصنيف الإمام محمد- على بعض المبرزين فى النحو، (يعنى أبا علي الفارسى)، فكان يتعجب من تغلغل واضع هذا الكتاب فى النحو.
وذكر الكردري فى "مناقب أبى حنيفة"، وابن العماد فى "شذرات الذهب" -واللفظ للكردري- عن الإمام الشافعي رضي الله عنه، قال: لقيته أول ما لقيته، وهو قاعد في الحجرة، وقد اجتمع عليه الناس، فنظرت إلى وجهه، وكان من أحسن الناس وجها، فإذا جبينه كأنه عاج، ثم نظرت إلى لباسه، وكان من أحسن الناس لباسا، وسألته عن مسئلة فيها خلاف، وإنى أطمع أن يلحقه ضَعْفٌ، أو يلحن فى كلامه، فمر كالسهم، فقوى مذهبه، ولم يلحن فى كلامه.
وقال الإمام الشافعى: لو أشاء أن أقول: نزل القرآن بلغة محمد بن الحسن لقلته لفصاحته. وقد جاء في "توالي التأنيس بمعالي بن إدريس"، قال الآبرى: أخبرنا أبو نعيم الإسترآبادي، سمعت ربيع بن سليمان مرارا يقول: لو رأيت الشافعى وحسن بيانه وفصاحته لعجبت منه، ولو أنه ألف هذه الكتب على عربيته التى كان يتكلم بها معنا فى المناظرة -يعني في تقرير المسائل الفقهية ومناقشتها- لم يقدر على قراءة كتبه، لفصاحته وغرائب ألفاظه، غير أنه كان في تأليفٍ يجتهد في أن يوضح للعوام. انتهى.
فإذا كان هذا الإمام العربي القرشي المبين هذا موقعه من الفصاحة والبيان عند تلامذته، فكيف تكون شهادته لشيخه الإمام محمد بن الحسن،