وقد صرّح الشيخ الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى أيضا في مواضع من تآليفه، بكون الإمام محمد حجة في اللغة، كما ذكره الشيخ الكوثري في "بلوغ الأماني".
أثره في الفقه الإسلامي:
وإلى جانب ما تقدم من إمامة محمد بن الحسن رحمه الله تعالى، وجلالة قدره في العلوم الدينية، فقد خصه الله تعالى من بين علماء عصره بميزة كبرى وموهبة فائقة، وهي أن وفقه الله تعالى لتدوين الفقه الإسلامي، وتبويبه على منهج فريد، مبتكر، اختطه شيخه الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى، فدوّن دواوين في الفقه، وألّف مؤلّفاته المعروفة، التي سارت بها الركبان. وقد امتازت -على سبقتها- برصانة في التعبير، ووضوح في البيان، وإحكام في التأصيل، ودقة في التفريع، مع التدليل على مسائل، ربما تعزب أدلتها عن علم كثير من الفقهاء، من أهل طبقته، فضلا عن من بعدهم، على توسعها في توليد المسائل في الأبواب، بحيث ينبئ عن تغلغل مؤلفها في أسرار العربية، ويدها البيضاء في اكتشاف أسرار التشريع، مع إجادة بيان الفروق في المسائل المتشابهة، ظاهرا والمختلفة باطنا، وحسن مقارنة بين آراء الأئمة الفقهية، على ذوي الأدلة الشرعية، في كتبه الثلاثة:"الآثار"، و"الموطأ": و"الحجة".
فصارت تآليف الإمام محمد بهذه المزايا الرفيعة خير وسيلة لتوسيع دائرة الفقه التقديرى، وتنمية أصول الفقه وقواعده وإنتاج علم الفروق الفقهية، الذي له مقام أسنى في علوم الفقه، وتمهيدا جيّدا للفقه المقارن.
والإمام محمد من الطبقة الأولى من طبقات أصحابنا الحنفية:
وهذا أمر لا بد للعالم المفتي من الاطلاع عليه، لينزل الناس منازلهم، ولا يقدم أدناهم على أعلاهم. قال الإمام اللكنوي: قد بسطت الكلام فيه في