للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن الغريب: أنهم يروون مرة أن محمد بن الحسن كان يفضل مالكا على أبي حنيفة في العلم، وأخرى يزعمون أن محمدا كان يقول عن مالك: إنه ما كان يحل له أن يفتي، ويستاؤون من رده على مالك بأدلة ناهضة في "كتاب الحجة على أهل المدينة"، فيحاولون أن يجعلوه يرد بذلك على أهل بيت الرسول صلى الله عليه سلم وآله وسلم، ويذكرون قبر النبي عليه الصلاة والسلام ودار الوحي تقطيعا للرد على من غلط من فقهاء "المدينة".

وما دخل أهل البيت ودار الوحي والقبر المعطر في بهاب الرد على مالك وبعض شيوخه؟ فلا يكون الجواب عن ردود محمد بن الحسن هكذا، بل بقرع الحجّة بالحجّة.

وقد أساء إلى الشافعي من اختلق هذه الحكاية، قد صح بطرق تفقهُ الشافعي على محمد، وحملُه عنه حمل بختي من العلم، وليست هذه المهاترة شأن التلميذ مع أستاذه، بل شأن من يبيح الغلبة بأىّ طريق كانت، وحاشا الشافعي من مثل ذلك، على أن رد الشافعي على مالك المدون في "الأم" أقسى بكثير من رد محمد بن الحسن على مالك في "الحجة"، والله سبحانه يتولى هدانا (١).

٢. قال حنبل بن إسحاق: سمعتُ أحمد بن حنبل يقول: كان أبو يوسف منصفا في الحديث، فأما أبو حنيفة ومحمد بن الحسن، فكانا مخالفين للأثر.

قال الإمام الكوثرى رحمه الله تعالى: شروط قبول الأخبار مما يختلف في نظر المجتهدين، فما يقبل هذا قد يرد ذلك لعدم استكماله لشروط قبول الخبر عنده، وما من إمام إلا وعنده أشياء من هذا القبيل، فلا يكون هذا من الجرح المؤثر في شئ (٢).


(١) راجع: مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه ص ٩١، ٩٢.
(٢) راجع: مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه مع تعليق الكوثرى ص ٩٢، ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>