يَوْم خَمْسمِائَة دِرْهَم، وقرأ عَلَيْهِ هُنَاكَ الْمولى يَعْقُوب الأصفر، وَالْمولى يَعْقُوب الأسود، وَكَانَ الْمولى الفناري يفتخر بذلك، وَيَقُول: إن يعقوبين قرآ عَليّ.
ثمَّ إن السُّلْطَان الْمَذْكُور نَدم على مَا فعله فِي حق الْمولى الفناري، فأرسل إلى صَاحب "قرامان"، يَسْتَدْعِي الْمولى الْمَذْكُور، فَأجَاب إليه، وَعَاد إلى مَا كَانَ عَلَيْهِ من المناصب.
وَحكي أنه صحب الشَّيْخ الْعَارِف بِالله الشَّيْخ حميد شيخ الْحَاج بيرام، وأخذ مِنْهُ التصوف، ورايت لَهُ نظما، أرسله إلى الشَّيْخ عبد اللَّطِيف بن غَانِم الْقُدسِي، خَليفَة الشَّيْخ زين الدّين الخافي قدّس الله سرّه الْعَزِيز:
قدمت بِلَاد الرّوم يَا خير قادم … بِخَير طَرِيق جلّ عَن كل نَائِم
فمنذ فتوح الرّوم لم يَأْتِ مثله … إلى ملكه يهدي بِهِ كل عَالم
على مَسْلَك الْمُخْتَار من سَائِر الورى … إلى حَضْرَة الْغفار من كل عَالم
يلقب زين الدّين قد صَحَّ كَامِلا … وَيُسمى إذا عبد اللَّطِيف بن غَانِم
لعمرك إن ابْن الفناري طَالب … وَلَكِن تقصيري لملزوم لَازم
وَقد حثني شوق شَدِيد لأرضه … لأقضي بقايا الْعُمر هذي عزائمي
وأنتظر المخدوم فِي الْقُدس راجيا … لجمع بِجمع السِّرّ عَن كل هائم
فَقُمْ واستلم حبرًا يعز بعصرنا … وَسلم لَهُ مَا دمت حَيا بقائم
ورض وأغتنم وأخدم سَبِيلا لعارف … تنَلْ بغية تعلو على كل خَادِم
وأرسل إليه الشَّيْخ عبد اللطيف الْقُدسِي نظما جَوَابا لنظمه وَهُوَ هَذَا:
ألا يَا إمام الْعَصْر يَا خير قَائِم … بشرع رَسُول الله يَا خير حَاكم
لأنت فريد الْعَصْر فِي الْعلم والنهى … وأنت وحيد الدَّهْر أكرم حَازِم
وأنت ضِيَاء الدّين بل أنت شمسه … بعلمك سَاد النَّاس يَا خير عَالم
ركبت مُحِيط الْعلم فِي سفن التقى .. ففقت على الأقران حَادث وقادم