فَأَنت إذا مَا كنت فِي بَلْدَة صبَّتْ … وأيقظ يقظان بهَا كل نَائِم
فإن غبت لَا يخفى ضياك وأيما … حضرت فأنت الشَّمْس فِي أفق عَالم
سَأَلت إلهي أن يديم بقاءكم … تقيض على الطلاب جن وآدمي
لعمرك شعري فِي جوابك عَاجز … كنظم لحسان وكف لحاتم
قريضي إذا مَا فَازَ مِنْك بنظرة … فَلَا بُد أن تُخْفُوهُ عَن كل ناظم
فَإنِي لأستحيي إذا قيل: إنه … أجاب مديح ابْن الفناري ابْن غَانِم
وَمن جملَة أخباره: أن الطّلبَة إلى زَمَانه يعطلون يَوْم الْجُمُعَة وَيَوْم الثُّلَاثَاء، فأضاف الْمولى الْمَذْكُور إليهما يَوْم الِاثْنَيْنِ وَالسَّبَب فِي ذَلِك إنه اشْتهر فِي زَمَانه تصانيف الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ، وَرغب الطّلبَة فِي قرَاءَتهَا، وَلم تُوجد تِلْكَ الْكتب بِالشِّرَاءِ لعدم انتشار نسخهَا، فاحتاجوا إلى كتَابَتهَا، وَلما ضَاقَ وقتهم عَن كتَابَتهَا أضاف الْمولى الْمَذْكُور يَوْم الِاثْنَيْنِ إلى يَوْم العطلة.
وَمن جملَة أخباره أيضا: أنه كَانَ للسُّلْطَان الْمَذْكُور وَزِير مُسَمّى بعوض باشا، وَكَانَ يبغض الْمولى الفناري، وَلما عمي الْمولى الْمَذْكُور فِي أَوَاخِر عمره، قَالَ الْوَزير الْمَذْكُور يَوْمًا: أرجو من الله تَعَالَى أن أصلي على هَذَا الشَّيْخ الأعمى، فَسَمعهُ الْمولى الفناري، وَقَالَ: أنه جَاهِل، لَا يحسن الصَّلَاة على الْمَيِّت، وَأَرْجُو من الله تَعَالَى أن يشفيني، ويعميه، وأصلي عَلَيْهِ، فشفى الله تَعَالَى الْمولى الفناري، وكحل السُّلْطَان عين الْوَزير بحديدة محماة، فَعميَ، ثمَّ مَاتَ، وَصلى عَلَيْهِ الْمولى الفناري. رُوِيَ أنه كَانَ سَبَب عماه أنه لما سمع أن الأرض لَا تَأْكُل لُحُوم الْعلمَاء العاملين نبش قبر أستاذه الْمولى عَلَاء الدّين الأسود ليتَحَقَّق عِنْده الرِّوَايَة الْمَذْكُورَة، فَوَجَدَهُ كَمَا وضع، مَعَ أنه مرَّ عَلَيْهِ زمَان مديد فَعِنْدَ ذَلِك سمع صَوتا من هَاتِف والتفت إليه، فإذا هُوَ يَقُول: هَل صدقت أعمى الله بَصرك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute