نيف وستين جزءا كبارا دقاقا. وهذا العالم الجليل المعروف بين الحفّاظ بكثرة الحديث وكثرة التصنيف وبالغ العبادة والتلاوة المختوم له بخير يسعى كثير من حشوية الرواة في الإساءة إلى سمعته كذبا وزورا، فمن لا يصدق في مثل أبي حنيفة وأصحابه باعتباره ظنينا متَّهما كيف يصدق في باقي علماء المذهب؟ فانخداع بعض من ألّف في الرجال من علماءنا المتأخّرين بما سطره أهل العدوان من الحشوية، وتصديقهم في فريق دون فريق مما يؤسف له، وذلك من جهلهم بالدخائل في كلمات هؤلاء النقلة، وعدم دراستهم لكتب الرجال، كما يجب جريا مع التقليد الأعمى، والله ولي الهداية.
وفي "تكملة الرد علي نونية ابن القيم"(٩٦) بعض بسط في ذلك.
رأيه في مسائل الاعتقاد
التي كان يجري النقاش فيها بين أهل عصره:
وقد ذكرت (أي ذكر الشيخ زاهد) في "تأنيب الخطيب"(ص ٥٥) بسند محمد بن شجاع عن أبي حنيفة في قصة طويلة عن سوال بعض أصحاب أبي حنيفة عن مسئلة خلق القرآن وسكوتهم عن الجواب لغيبوبة شيخهم، وحكايتهم له ما جرى عند قدومه إلى أن قال: فما كان جوابكم فيها؟ قلنا: لم نتكلّم فيها بشئ، وخشينا إن نتكلّم بشئ تنكره. فسري عنه، وأسفر وجهه. وقال جزاكم الله خيرا، جزاكم الله خيرا، احفظوا وصيتي، ولا تتكلّموا فيها بكلمه واحدة أبدا. ولا تسألوا عنه أحدا أبدا. انتهوا إلى أنه كلام الله عزّ وجلّ بلا زيادة حرف واحد، ما أحسب هذه المسئلة تنتهي، حتى توقع أهل الإسلام في أمر لا يقومون له، ولا يقعدون. أعاذنا الله وإياكم من الشيطان الرجيم.
وقد نقلنا (أي نقل الشيخ زاهد) أيضًا بسند محمد بن شجاع عن الحسن بن زياد، والحسن بن أبي مالك وغرهما عن أبي يوسف وزفر وغيرهما