و (أحاديث) في الموضعين (أحاديثا) في عبارته، حيث لم يكن يرعى قواعد النحو، لأنه كان عاميا لحّانا، ليس عنده من العربية ما يقوم به لسانه، فضلا عن أن يكون حائزا لعلم يقوم به فكره، وقد فسد بمعاشرة ابن أبي داود المعروف، كلّ ما فيه اطلاعه على قماطر النقلة الرحل لأجل كنابة الأحاديث من الشيوخ، فنستأنس برواياته، مع النظر في أسانيده، ولا نجاريه في جهالاته تعبيرا وتفكيرا. هذا ما نذكره عرضا.
أما قوله من أصحاب الرأي، فنعم، لأنه كان صاحب غوص، وفهم في الكتاب والسنَّة، ولا فقه، حيث لا رأى وفقهاء الصحابة والتابعين كلهم من أهل الرأي، والآثار في ذلك مسرودة في "جامع بيان العلم"، و "الفقيه والمتفقه"، ولذا ذكر ابن قتيبة في "المعارف" مالك بن أنس في عداد أهل الرأي، ولا أدري لماذا لم يذكر الإمام ابن عدي في أحد فريقي الرأي والحديث.
وأما رميه بالتعصّب، فلم يدلّل عليه، وإنما التعصّب هو التحزّب لرأي أو طائفة بدون إقامة حجَّة، وهو الذي مضى عليه ابن عدي في "كامله"، فيكون هذا محاولة منه أن يرميه بدائه، وطريق ابن شجاع في الآراء والمسائل وإقامة الحجّة عليها، كما تجد مصداق ذلك في كتب المذهب.
وأما قوله: من كان الشافعي؟ ومؤاخذته على مصاحبته لمغن، فمن قبيل ما رواه محمد بن إسحاق النديم في "الفهرست" عن أبي القاسم الحجازي عن محمد بن شجاع، قال (كان يمر بنا في زى المغنّين على حمار، وعليه رداء محشو وشعره مجعد) فلا أستسيغ أن يتكلّم أحد في إمام من أئمة المسلمين بمثل هذه اللهجة، ولا شكَّ أن هذا الزيّ الذي كان يتزيّا به الإمام هو زيّ أهل "الحجاز"، وكان ابن شجاع يرى ورود بعض المغنّين من "الحجاز" بهذا الزيّ، فظنّ أنه زىّ المغنّين، وأهل "الحجاز" كانوا يتسامحون