للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال: إن الزنادقة يدسّون تلك الأباطيل في كتب الرواة، فيروونها بسلامة باطن، فحذرهم من مسايرتهم، وهو الواقع، والدارمي يستبعد كلّ الاستبعاد اقتراب هؤلاء من الرواة، فضلا عن تمكّنهم من الدسّ في كتبهم، وابن عدى هذا يعكس الأمر، ويجعل الداسّ في كتبهم، هو ابن شُجَاع، حيث يقول في "الكامل" في ترجمة حماد بن سلمة بعد أن قال: حدثنا ابن حماد، ثنا أبو عبد الله محمد بن شُجَاع بن الثلحي، أخبرني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي، كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث، حتى خرج خرجه إلى عباد أي فجاء، وهو يرويها، فلا أحسب إلا شيطانا خرج إليه في البحر، فألقاها إليه.

قال أبو عبد الله: فسمعت عباد بن صهيب يقول: إن حماد بن سلمة كان لا يحفظ، فكانوا يقولون: إنها دسّت في كتبه، وقد قيل: إن ابن أبي


= وأصحابه، ولا سيّما الحسن بن زياد، ساعيا جهده في تشويه سمعتهم، فجنت براقش على نفسها. وأين هذا التائه من تلك البحوث؟ ومن جملة ما يريد أن يردّ على أبي حنيفة قوله في رواية عمر بن حماد بن أبي حنيفة عن أبيه عن جدّه، (إن أهل الجنة يرون ربهم كما يشاء أن يروه). مع أن في ذلك إثبات الرؤية، وقطع ألسنة المشبّهة عن التورّط في لوازم الجسمية من المحاذاة ونحوها. وقد تحدّثت (أى تحدث الشيخ زاهد) كثيرا عن شطحات هذا المسكين في كثير من الكتب وفي مقالات خاصة بتوسع، فلا داعي إعادة ذلك. ومثله لا يصدق فيما يعزوه إلى أهل التنزيه. وإن صحَّ بعض ما عزاه إليهم فلا نتردّد لحظة في رد المردود منه. وتأويل بعضهم لبعض الأخبار الموضوعة مما لا داعي إليه عند من اعترف بوضعها ولا وجاهة في افتراض صحتها والاسترسال في تأويلها، كما فعل ابن فورك وغيره. على أن طبع كتاب النقض للدارمي رفع الغشاوة عن أعين كثير من الناس، وبدأوا ينظرون إلى هؤلاء الذين تطاول عليهم هذا الشيخ المجسّم نظر تريث، وعلموا من هم صفوة الصفوة من خيار السلف (ز).

<<  <  ج: ص:  >  >>