للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحمصى الشاعر، لكونه كان كثير التردّد إليه، فبينما هما جالسان، إذا برجل مار في الطريق خارج المكتب.

فلما دنا من الكفيري المترجم عرفه، فقال أين الغرض؟ فقال له: في غد، وانصرف من ساعته، فالتفت الشيخ رجب الحريري للكفيري، وقال له: ما هذا الرجل؟ قال له: إنني من مدة أيام أعطيته ماعونًا من الورق، ليصقله لي، فأخذه، ولم يرده لي، فأنا من ذلك اليوم كلما رأيته أطالبه به، وهو يقول لي: في غد آتيك به كما رأيته الآن، فقال الشيخ رجب للمترجم: هات القلم والدواة، فأعطاه إياهما، فكتب ارتجالًا هذين البيتين، وهما قوله:

تبًا وسحقًا لصقال صحائفه … مسودّة لم يزل للكذب ينقله

أعطيته الدست كي يصقله من ورق … فلم يعده فليت الدست يصقله

أقول: وهذا مثل جار على ألسنة العوام، والدست في العربية له معان أربع، وفي الفارسية اليد، والدست الصحراء معرب دشت، قال الأعمش:

قد علمت فارس وحمير … والأعراب بالدست أيكم نزلا

ومن الثياب والورق، وصدر البيت، قال ابن الكمال: إنه لغة مشتركة في الفارسية، كما قدمناه بمعنى اليد، وفي العربية يجئ بمعان أربع، وهى اللباس، والرياسة، والحيلة، ودست القمار، وجمعها الحريري في قوله: نشدتك بالله، ألست الذي أعاره الدست، قلت: لا، والذي أجلسك في هذا الدست ما أنا بصاحب ذلك الدست، بل أنت الذى تم عليه الدست. انتهى.

والدست تستعمله العامة لقدر النحاس، ولسليمان بن عبد الحق في بعض أهل الديوان، وكان يلقب بالقط.

ما نال قط الدست من فعله … غير سخام الوجه والسخط

ولّى عن الدست على رغمه … وانقلب الدست على القط

<<  <  ج: ص:  >  >>