ألا في سبيل الله نفس وقفتها … على محن الأشجان في طاعة الحب
أعاني جوى من ذي ولوع بكيده … إذا لم يمت بالصدّ يقتل بالعجب
تخيرته من ألطف الغيد خلقة … تكوّن بين الراح والمبسم العذب
أبى القلب إلا أن يكون بحبه … وحيدًا على رغم النصيحة والعتب
فلو فوّقت سهم المنون جفونه … لقلب سوى قلبي تمنيته قلبي
وكان له تِرَب بـ "دمشق"، ألف بينهما المكتب، وحبيب كان يرتع معه أيام الصبا ويلعب، فكان فراقه عنده من أعظم ذنوب البين، وفي المثل أقبح ذنوب الدهر تفريق المحبين، فكتب هذه الأبيات، وهي أول ما سمح به فكره من النظم:
لا كانت الدنيا وأنت بعيد … يا واحدًا أنا في هواه وحيد
يا من لبست لهجره ثوب الضنى … وخلعت برد اللهو وهو جديد
وتركت لذات الوجود بأسرها … حتى استوى المعدوم والموجود
قسمًا بما ألقى عليك من العدا … ومحب وجهك في الوري محسود
إن المحب كما علمت صبابة … فالصبر ينقص والغرام يزيد
ولقد ملأت القلب منك مهابة … فعليّ منك إذا خلوت شهيد
والحرص مذموم باجماع الورى … إلا عليك فإنه محمود
وقوله:
وأغيد يسكر عقل الغيد … يصيد بالحسن قلوب الصيد
فؤاده صوّر من حديد … وقلبه أقسى من الجلمود
مولى عظيم الفتك بالعبيد … يغنيه حسنه عن الجنود
سكر لحاظه بلا حدود … يصدّ والهلاك في الصدود
قد عاقه الثلج عن الورود … ما الثلج إلا برص الوجود
وقوله في بعض الأمراء:
بأبي وإن كان أبي سميذعًا … خلقت يداه للشجاعة والندى