البكري بالديار المصرية ومنعه من ذلك، وشقّ على أهل العلم ما فعله، فقال السيد محمد بن محمد بن علي بن خصيب القدسي نزيل "دمشق" الآتي ذكره هذه الأبيات يخاطب ابن المنقار بها:
منعت ابن داود الحديث بجلق … وما مثله في الشام والله من فار
وتزعم حصر العلم فيك بجلق … فتنقر أهل العلم فيها بمنقار
سيأتيك من ربي بلاء وفي غد … ستلقى بوجه يا ابن منقار من قار
ثم عظم الأمر بين ابن المنفار والداودي، ولا زال يبلغه غليظ ما يكره، حتى قال فيه الداودي قصيدة رائية، أولها:
يا سخطة من عظيم القهر جبار … حلى بساحة من يدعي ابن منقار
منها:
يصفر من حسد حتى كأن به … ربعًا قديمة عهد ذات أدوار
ويعتريه اضطراب في مفاصله … كأن أفكل في أعضائه سار
ورأيت بخط الطاراني، قال: ومن أعجب ما وقع لي معه أنني مدحته بقصيدة ميمية بديعة، أولها:
سقى مربع الأحباب ودق الغمائم … وجادت عليه هاطلات السواجم
وبيت المخلص:
سفرن بدورًا عن محيا كأنه … سنا نور شمس الدين عين الأكارم
فما كانت جائزتي منه غير الذم والمقابلة بما لا يليق، وقصة حطه على النجم الغزي مشهورة، وملخصها كما قال النجم في ترجمته: إن النجم كان يعظ، ويقرأ الحديث في الجامع الأموي، وهو دون العشرين، فأنكر ذلك الشمس، واتفق أنه حضر يومًا إلى الجامع، وكانت الشمس كسفت، وصلى الشهاب العيثاوي إمامًا بالناس صلاة الكسوف بمحراب الشافعية، ثم حضر الشرف الحكيم الخطيب بالجامع، وصلى، وحضر ابن المنقار، ولما فرغ الناس من الصلاة أخذ في الإنكار على العيثاوي، والنجم في الصلاة، وعطف عليه