أنه علم النجم، وقواه على النظم والتدريس، فاجتمع به العيثاوي والنجم، فلما تكالموا ثارت العوام عليه، وألجأوه، حتى خرج من باب البريد حافيًا، وهو بعمامة صغيرة غير عمامته المعتادة، وهم يصيحون به.
ثم آل الأمر أن عقد له مجلس عند قاضي القضاة مصطفى بن بستان، وحضر جماعة من أعيان العلماء، منهم: الجد القاضي محب الدين، والشهاب العيثاوي، فأصلحوا بينهما، ثم طلبوا المناظرة بينهما، فتناظرا في عبارة من "تفسير البيضاوي"، وكانت الغلبة للنجم، وألف العيثاوي رسالة حافلة فيما وقع بينهما، وكان ذلك اليوم قد ظهرت نجوم السماء نهارًا لقوة السكوف، فقال بعض الأدباء مصراعًا، أجاد فيه، وهو قوله:
وعند كسوف الشمس قد ظهر النجم
فسبكه النجم في أبيات هي قوله:
بعام ثمان بعد تسعين حجة … وتسعمئ مرت جرى الأمر والحكم
بأن حضر الشممس ابن منقار الذي … تحرّى جدالًا حين زايله الحزم
وناظرنا يوم الكسوف فلم يطق … لنا جدلا بل خانه الفكر والفهم
فقيل وبعض القول لا شك حكمة … وعند كسوف الشمس قد ظهر النجم
ولولا تلافى الله جلّ جلاله … أصاب تلافًا حين تابعه الرجم
والحاصل: أنه كان ضيق الخلق، وأما علمه فمسلم عند من يعرفه، وإن طعن فيه طاعن، فعن عداوة وحسد، وله أشعار كثيرة، وقفت في بعض المجاميع على أبيات له، كتبها إلى قاضى القضاة بـ "الشام" العلامة المولى على بن إسرائيل، المعروف بابن الحنائي، وكان وقع له وهو قاضي بـ "دمشق" أنه أخرج عن رجل بعض الوظائف، فكتب الرجل محضرًا في شأن نفسه، واستكتب الأعيان، فكتب له بعض من له يظهر الصداقة والمودة للقاضي المذكور، فبلغه ذلك، فقال مضمنًا: