للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحده أشَاطَ (١) بدَمه، وعرَّض نفسَه للقتل، فأخاف أن يُعِين على قتل نفسه، ولكن ننتظر، فقد قالت الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا}. الآية، سورة البقرة ٣٠.

ثم خرج إلى "مرو"، حتى كان أبو مسلم فكلّمه بكلام غليظ، فأخذه، فاجتمع عليه فقهاء "خراسان" وعبادهم، حتى أطلقوه، ثم عاوده، فزجره، ثم عاوده، ثم قال: ما أجد شيئًا أقوم به لله تعالى أفضل من جهادك، ولأجاهدنّك بلساني، ليس لي قوة بيدي، ولكن يراني الله وأنا أبغضك فيه، فقتله، رحمه الله تعالى.

وروى ابن عسكر في "تاريخ دمشق" بسنده، عن الحسن بن رشيد العنبري، قال: سمعت يزيد النحوي، يقول: أتاني إبراهيم الصائغ، فقال لي: ما ترى ما يصنع هذا الطاغية! - يعني أبا مسلم الخراساني - إن الناس معه في سعة غيرنا أهل العلم.

قال: قلتُ لو علمتُ أنه يصنع بي إحدى الخصلتين لفعلتُ؛ إن أمرتُ، ونهيتُ، يقبل منا، أو يقتلنا، ولكن أخاف أن يَبْسُط (٢) علينا، وأنا شيخ كبير، لا صبر لي على السِّيَاط.

فقال الصائغ: لكن لا أنتهي عنه.

قال: فذهب إبراهيم، فدخل على أبي مسلم، فأمره ونهاه، فقتله على ذلك.

وعن الحسن بن رشيد أيضًا، أنه قال: سمعت النعمان: أنا حدّثت إبراهيم الصائغ، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله


(١) أشاط بدمه: أذهبه أو عمل بهلاكه، أو عرضه للقتل. "القاموس". (ش ي ط).
(٢) يبسط علينا: يسلّط علينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>