للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإسلامية والذبّ من الإسلام، فبارك الله سبحانه في مساعيه، وأسّس أعضاء الندوة مدرسة عظيمة بمدينة "لكنو" سنة سبع عشرة وثلاثماثة وألف، وهي التي اشتهرت بدار العلوم، نفع الله بها المسلمين.

وكان للشيخ محمد علي منذ أيام الطلب والتدريس إلمام بما يجري حوله من حوادث وتيارات، وكان يتتبّعها بعقل واع ونفس حسّاسة، ورأى نشاط القسوس المسيحيين ودعاة التبشير في نشر النصرانية، وتشكيك المسلمين في عقيدتهم ودينهم، ورأى خطر ذلك على الشباب وأبناء المسلمين، فأقبل على دراسة النصرانية ومراجعها وحججها، وشمّر عن ساق الجدّ للردّ على القسوس والمبشرين، وأصدر صحيفة لهذا الغرض، سمّاها منشور محمدي، واستمرّت في الصدور نحو خمسة أعوام.

وألّف في ردّ المسيحية كتبا قيمة، منها: "مرآة اليقين"، و "آئينة إسلام"، و "دفع التلبيسات"، ومن أهمها: "بيغام محمدي".

وكان قد اطلع في أثناء ردّه على المسيحيّة، ومناظرته مع القسوس والمبشرين على مواضع الضعف في صفوف العُلماء، والذين تقع عليهم مسؤلية الدفاع عن الإسلام، وعلى مداخل الفساد والزيغ والإلحاد بانتشار التعليم الجديد في البلاد، وكانت فتنة التكفير وخصومات العُلماء المذهبية، وتنازع الطوائف الإسلامية قد بلغت أوجها في هذه الفترة، وقد أصبحت المدارس والمساجد مركز جروب داخلية، وازدحمت المحاكم بالقضايا الخلافية، التي يرفعها المسلمون، ويحكم فيها القضاة المسيحيون والحكّام الوثنيون، ورأى جمود العُلماء على المنهج الدراسي القديم، الذى يسمّى بالدرس النظامي، وعضّهم عليه بالنواجذ، مع شدّة حاجة العصر إلى تطويره وتنقيحه.

فحمله كلّ ذلك على تأسيس ندوة العُلماء لتبادل الفكر والرأي، وتنسيق الجهود في إصلاح التعليم والمسلمين، ووهب نفسه وعقله، وعنايته لهذه

<<  <  ج: ص:  >  >>