البدر، فأخذه عنه كأخذه عن ابن حجر سواء بسواء، وإنما روايته لمؤلفات البدر العيني ما بين قراءة وسماع وإجازة خاصة، فبواسطة العلامة قاسم بن قطلوبغا الحنفي، وقد يتساهل بعض أصحاب الأثبات في الرِّواية بالإجازة العامة، وليس بجيد.
محل البدر العيني في العلم وثناء العلماء عليه:
كان في الحديث والفقه والتاريخ والعربية بحرا، لا تعكره الدلاء، آية في استحضار أحاديث الأحكام، وإبداء علل أسانيدها ومتونها، بارعا في الموازنة بين أدلة المسائل الخلافية عند فقهاء الأمصار، واسع الاطلاع على مذاهب سلف الأمة وآراء الأئمة، مشاهيرها وشواذّها، بالغا في الفحص غايته، وفي التنقيب نهايته، موفيها حقّ الأبحاث من جميع مناحيها، بحيث لا يدع لباحث وراء فحصه مطمعا، ولا لقوس تطلّبه منزعا، يجري على طريقة البسط والإيضاح في مؤلّفاته، بحيث لا يحوج إلى غير كتابه فيما له مساس بالموضوع، وكتبه شهود صدق لذلك، مع ذلك كلّه كان له بعض تصلّب في مذهبه.
وأثنى عليه أبو المعالي الحسيني في "غاية الأماني"، وقال: هو الإمام العالم العلامة الحافظ المتقن شيخ العصر، أستاذ الدهر، محدّث زمانه، المنفرد بالرواية والدراية، حجّة الله على المعاندين، وآيته الكبرى على المبتدعين، "شرح صحيح الإمام البخاري" بشرح، لم يسبق نظير في شروحه، مع ما كان له من المصنّفات المفيدة والآثار السديدة.
وبالجملة: كان رحمه الله من مشاهير عصره علما وزهدا وورعا، وممن له اليد الطولى في الفقه والحديث. اهـ. وقال أبو المحاسن في "المنهل الصافي": كان بارعا في عدة علوم، مفتيا، كثير الاطلاع، واسع الباع، في المعقول والمنقول، لا يستنقصه إلا متغرض، قلّ أن يذكر علم إلا وله فيه مشاركة