حكى عنه أنه قال: كان بعض أحباب الأستاذ قد مات، فرأيته بعد مدّة في عالم اليقظة، وهو خارج من باب الشيخ، فسلمت عليه، وسلم علي، ثم دخلت إلى الشيخ، وأخبرته بذلك، وقلت له: أهذا غلط خيال أو واقعة منام، فقال لى: يا ولدي، قد قويت روحك بالرياضة، فما رأيته من آثارها، وأنا كنت أيام رياضتى إذا دخلت السوق أحيانا أرى من الأموات أكثر ما أرى من الأحياء.
قلت: وقد نقل الشيخ محمود صاحب الترجمة روّح الله تعالى روحه في رسالة له، سماها بـ"جامع الفضائل" أن بعض أهل السلوك إذا تصفى يرى الموتى عيانا، وعن بعض الفقراء، قال: كنت في بداية سلوكى بـ"بروسه" المحروسه، وكان بمحلتنا رجل مؤذن بجامع مولانا الفناري، فمات ذلك المؤذن، ومضى عليه أيام كثيرة، وذهبت إلى شيخى قدّس سرّه بعد صلاة الصبح، فلقيت المؤذن المذكور في الطريق، ومعه شخص آخر لا أعرفه، وكان الثلج ينزل علينا، فسلمت، ومضيت، ثم ذكرت القصة للشيخ، فقال: هذا بسبب رياضتك أياما، وكانت رياضى خبزا يابسا.
ثم قال الشيخ قدّس سرّه: قد لقيت أنا بعض الموتى في سكة زقاق السلك بـ"بروسة" المحروسة، ورأيت أنا الفقير في إجازة القطب الرباني الشيخ منصور المحلى نزيل "الصابونية"، أجاز بها بعض الفضلاء عند ما ذكر أشياخه، الذين أخذ عنهم، قال: ومنهم وهو أولهم صاحب الدين المتين، الذى اشتهر أنه يقرى الجن الشيخ يس المالكى.
ومن أعجب ما سمعت منه: أنه قال: جاءتنى أمى في المنام، وقالت لي: يا يس في خاطرى شنبر أسود، فأخذت لها شنبرا، ووضعته تحت رأسي، فجاءت، وأخذته، ومما سمعته منه أيضًا أنه قال: جزت يومًا بالسوق، فرأيت فلانًا الميت واقفا على اللحام، فقلت له: ما الذى أوقفك ههنا، فقال: فلانة جاءت البارحة، وأنا اشترى لها لحما تطبخه لنا، وأمثال هذا كثير