من ملك الحِرْص القياد لم يزل … يكرع فِي مَاء من الَّذِي جرى
من لم يقف عند انتهاء قدره … تقاصرت عَنهُ فسيحات الخطى
من ضيع الحزم جنى لنَفسِهِ … ندامة ألذع من سفع الذكا
وَيُقَال: إن عدد من قتل فِي المعركة من الفريقَيْنِ يزِيد على عشرَة آلَاف سوى من هلك فِي الطّرق والأطراف، وَلما تفرق عَسْكَر السُّلْطَان بايزيد الْمَزْبُور كرّ رَاجعا، ورد إلى "أماسيه"، هَارِبا نادِما على فعله الْقَبِيح، ومعترفا بخفته وطيشه الصَّريح، فَأحْضر الشَّيْخ خير الدّين الإيجادي، وَالْمولى جرجان، وَتابَ على يد الشيخ الْمَزْبرُور عَمَّا صدر عَنهُ من الْبَغي والعدوان، وأشهدهما على الرُّجُوع والارتداع، وأرسلهما إلى السُّلْطَان للشَّهَادَة بذلك، والاستشفاع، وَقبل وصولهما إلى السُّلْطَان تحول عَن رَأْيه، وَعَاد إلى غيه، وَأخذ أولاده الثَّلَاثَة الْكِبَار، وَتوجه إلى بلاد العجم بِمن بَقِي عِنْده من الأشرار، فَقبل وصولهما إلى عتبَة السُّلْطَان ظهر خلاف مَا جاء بهِ من خبر ترك الْعِصْيان، فكره السُّلطان مجيئهما، وتغير، وحبسهما فِي بَيت فِي "قسطنطينية"، حَتَّى يظْهر جلية الخَبَر من أنهما لم يقصدا النِّفاق، وَلم يتَّفقا على الاختلاق، وَأطلقهُمَا، وعزل الْمولى الْمَزْبُور عَن منصب الْفتيا، ثمَّ عين لَهُ سبعين درهما، علم ما ذكرنَا.