للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم توجّه منها إلى "إسكندرية" بحرًا، فوصلها في ثمانية أيام، ومنها ذهب إلى "مصر"، وبعد أن استوفى الزيارات بـ "مصر" عزم على المسير إلى "الشام"، فدخل بيت المقدس غرة شهر رمضان.

وكان له بنت، فرآها مريضة، ولم تطل إقامتها، بل انتقلت إلى الجنة العريضة، ولهذه البنية أخبار كثيرة ووقائع في بعض الرحلات شهيرة، ولم يزل مقيمًا إلى أن دخلت سنة تسع وأربعين، فعزم على الحج، وفي أثنائها توجّه إلى أرض "كنانة"، وصحبه جمع كثير، وظهرت كلمته في تلك الأقطار، ولما بلغت تلامذته مائة ألف أمر بعدم كتابة أسمائهم، وقال هذا شيء لا يدخل تحت عدد، ثم حج، ورجع إلى "دمشق"، وكان واليها إذ ذاك الوزير الكبير المرحوم سليمان باشا العظمي، وحين وصوله إلى "دمشق" تلقاه وجوه أهلها، ونزل قرب الخانقاه السميساطية، وبعد أيام تحول إلى الديار البكرية، وأقام بها ثمانية أشهر.

ثم رحل إلى "نابلس"، فمكث بها أحد عشر شهرًا، وفي شوّال سنة اثنتين وخمسين توجه إلى الديار القدسية، ولم يزل بها إلى سنة ستين ومائة وألف، فسَار إلى "مصر"، متنقلًا في البلاد الكنانية والساحل الشامي، فوصل "مصر"، واستأجر له الأستاذ الحفناوي دارًا قرب الجامع الأزهر عن أمر منه بذلك، وعندما وصل إلى قرية الزوابل تلقاه الأستاذ الحفني المذكور، ومعه خلائق كثيرون من علماء "مصر"، ووجوه أهلها، وأقام هناك، وهو مقبل على الإرشاد، والناس يهرعون إليه مع الازدحام الكثير، حتى إنه قل أن يتخلف عن تقبيل يده جليل أو حقير، إلى أن دخل شوّال سنة إحدى وستين، فعزم على الحج، وكان قدس سره بجمع الكثرة مشهورًا، وكان مصرفه مثل مصرف أكبر من يكون من أرباب الثروة وأهل الدنيا، ولم تكن له جهة تعلم يدخل منها ما يفي بأدنى مصرف من مصارفه، ولكن بيده مفتاح التوكّل لكنز هذا عطاؤنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>